they have never changed (their determination) in the least
وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا

في شهر رمضان الماضي.. كان للسيد هـ/شم صفــ.ي الدين سلسلة محاضرات قصيرة يتناول فيها قصص الأنبياء التي ذكرت في القرآن الكريم ودورهم في الدعوة وتطور البشرية. كانت هذه المحاضرات وغيرها من مئات المحاضرات والخطب الدينية لقادة المقـ.اومة تثير لدينا الكثير من التساؤل كيف لهؤلاء القادة والسادة الذين يواجهون أعتى قوى الشر في العالم ويقومون بدور أمة كاملة بأن يتفرغوا لمثل هذه الجهود، من أين لهم هذا الوقت وهذه السكينة وهدوء البال الذي يجعلهم يخصصون وقتهم للدعوة والموعظة الحسنة والعواصف لا تهدأ من حولهم؟

عندما تطالع نهج البلاغة وتجد خطب الإمام (ع) تمزج بين التوحيد والعدل ونصرة المظلومين وتبيين الحق، ثم تجده يحكي لك عن مكارم الأخلاق ويستنبط العِبَر من كتاب الله وسنة نبيه، ويحدثهم عن تربية الأبناء وإصلاح ذات البين، تكاد تنسى في وسط ذلك أنه كان يحكم الأقطار الإسلامية كلها (عدا الشام)، ويعد العدة لقتال العصاة والخارجين عليه. كيف كان أمير المؤمنين يوازن بين هذا وذاك؟

عندما تمد الخط على استقامته، ستجد أن السيد هاشم وقبله السيد الأمين، هما غصنان مثمران أصلهما يعود إلى رسول الله (ص) والإمام (ع). هي فلسفة متكاملة في بناء الإنسان الحق الذي يتزود من المعاني الإلهية لكي يقيم حربًا شعواء على المادية التي تريد استعباد البشر.

الإسلام في فهم هؤلاء السادة هو الخطبة البليغة، وهو في نفس الوقت السيف المُسدّد. ولا يقوم هذا دون ذاك. هي سُنة رسول الله (ص) بمعناها الحقيقي، علم وعمل حتى تكون كلمة الله هي العُليا. بناء الحضارة ببناء الإنسان أولًا.

الآن نفهم حقًا لماذا كانوا يحرصون على هذه الدروس الإيمانية، لأنهم يعلمون أن الله سيسترد وديعته، وأن مسارهم كدعاة حق ليس له إلا نهاية وحيدة، فاستبقوا ذلك بأن قسموا أرواحهم علينا قبل قبضها، وأخرجوا لنا مكنون علوم نالوها بتزكية النفس، فإن رحلت الأجساد فهم فينا باقون، وإن طوتهم عنا حجب الغيب فلا زال تراثهم يخفق بين ضلوعٍ لا يعرف عددها إلا الله.

تاريخ النشر 23-10-2024