وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ

أهم شيء قبل الدخول في أي حرب أو معركة هو رسم خريطتها، ومعرفة أبعادها، ودراسة العدو وأدواته وأهدافه، والانضباط التام في رسم الخطة، ومن لا يفعل ذلك فهو محكوم عليه بالفشل.

الحرب الآن على جبهتين، الجبهة العسكرية، والجبهة الإعلامية، وفي كل منها يعمل العدو على نفس المحاور الثلاثة: العقل، والقلب، والجسد.

ففي الجبهة العسكرية:

يستهدف عقل المقـ//ومة بمحاولة اغتيال القادة
ويستهدف قلبها بمحاولة عزلها عن حاضنتها الشعبية وإثارة السخط عليها
ويستهدف جسدها باستهداف مقدّراتها البشرية والمادية.

وفي الميدان الإعلامي وهو لا يقل خطرًا:
يستهدف عقولنا بنشر الشك والحيرة
يستهدف قلوبنا بنشر اليأس والخوف
يستهدف أجسادنا بنشر الوهن والشعور بقلة الحيلة

هذه خريطة المعركة. وعندما توجه قذيفة نحو موقع معيّن، فالجيش المدافع لا يكتفي بالتصدي لها، وإنما يجب أن يدرُس لماذا ضرب هذا الموقع بالذات، وما الأهداف الاستراتيجية التي يريدها العدو من ذلك؟

وكذلك في وسائل التواصل، عندما نرى تغريدة أو مقالة مسمومة توجه نحو هدف معيّن، فالواجب على أهل الحق أن يردوا عليها فورًا ويبينوا كذبها وزيفها ويفضحوا أصحابها.

ولكن هذا وحده لا يكفي، لأننا في كل يوم أمام كذبة جديدة وفتنة مختلفة، وإنما ينبغي بعد ذلك أن نقرأ الهدف الاستراتيجي العام. إن كان الهدف بث الشك فلنرسل رسائل اليقين، وإن كان الهدف إثارة الخوف فلنسعَ إلى الطمأنة وتخفيف الروع. وهكذا.

ومن يتابع الرأي العام المناصر للقضية سيجد أن من يركز على المستوى الأول فقط سيفتر بعد مدة، وسيجد أنه يكرر نفسه، ويدور في نفس الدوائر ولذلك سيتوقف لأنه يقول لنفسه "قد فندت هذا الادعاء من قبل".

أما من يفهم أن كل كذبة حتى لو تكررت قد يكون هدفها مختلفًا، فإنه سيجد واجبًا متجددًا في قراءة الهدف الجديد، والتعامل معه بالشكل المنهجي الذي يساعد الناس في هذه اللحظة.

وكل مستوى منهما له أهله، وجهودهم تكمل بعضها، وهم الظهير الإعلامي لمقـ//ومتنا، التي لا تشتري الذمم ولا تستعبد الضمائر بالأموال كما يفعل العدو، وإنما لسانها هم الأحرار الذين يندبون أنفسهم في سبيل ذلك.

تاريخ النشر 05-10-2024