What preoccupies the mind more than perfection?
وما شغل الهواجس كالكمال؟

مَـخاضٌ جاء آمنَـة فـهـزَّت
‏بـجذعِ المَكرُماتِ مِن الخِصال
‏كـأنَّ خُروجَـهُ مِـنـهـا وَليـداً
‏خُـروج الشَّمسِ مِن رَحِمِ الهِلال
‏كَـمـالُ خَــلائـق وكمـالُ خلـقٍ
‏وما شَغل الهَواجِسَ كالكَمالِ
- بدر الدريع

الإنسان مفطور على البحث عن الكمال، بنفخة نورانية من الله أودعت في جسد ضعيف فانٍ من صلصال كالفخار، أدرك الإنسان أنه ليس كجنس الموجودات، وأنه أرقى من كل الخَلْق. وأن نفسه الحيوانية التي تجذبه للأسفل إلى درك الحيوانية ليست هي حقيقته. وإنما هي كالمرض الذي يؤلمه ويقض مضجعه ولا بد أن يبحث له عن دواء.

ومن رحمة الله أنه لم يتركنا همَلًا، وأرسل لنا أعلام هدى لم تزل مثالًا على تفوق النفخة الإلهية، وعلو الإنسان في درجات الكمال حتى يفوق الملائكة المقربين. لم يُخلِ الله منهم وقتٌ لعلمه أن النفس تواقة لنموذج تحتذيه، فأرسل لنا أنبياءه المكرمين، وفي مقدمة الكل سيدنا وسيد الخلق محمد صلى الله عليه وآله.

كمال مصوّر كما يحبُّ الله، أرسله الله قبسًا من نوره، وشكله في لهيب الابتلاء، باليتم والحرمان والفقر والغربة والثكل. ابتلاه لكي يكون ملجأ كل مبتلى، وسكن كل محروم، وراحة في نفس كل متألم. شق لنا طريق تزكية نفوسنا، وأخبرنا أن باب الله لم يوصد، وأن رحمة الله قريبة من المحسنين.

صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله المطهرين والسائرين على درب كماله إلى يوم يلقونه على الحوض فتقر العيون به ويقر عينًا أن من أمته من ظلوا على العهد.

تاريخ النشر 15-09-2024