ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله: "من عرف نفسه فقد عرف ربه".
وذلك لأن الأنفس أوضح الطرق إلى الله، أن تقرأ نفسك فتصل إلى الله تبارك وتعالى.
والعلم بالله يمكن الوصول إليه بالتدبّر في آيات الله في الكون (أو ما يسمى العلم الحصولي)، أو أن تتعرف إلى الله بالنظر في الذات وتنقية القلب (وهو ما يسمى العلم الشهودي)، وهو معنى قوله تعالى:
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
وكذلك قوله:
وقال تبارك وتعالى (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُم أَفَلَا تُبصِرُون)
والقلبُ كالمرآة، إن كانت مصقولة بالتزكية صارت فرقانًا بين الحق والباطل وقذف الله فيها من نوره. وقد أفلح من زكاها.
أما من ران على قلوبهم وأتبعوا نفسهم هواها، فأولئك تخرب نفوسهم في الدنيا وتنقلب النفس إلى حجاب من الظلمات، وأولئك من فصّل القرآن أوصافهم في كثير من الآيات:
"وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون"
"وما يضلّون إلا أنفسهم وما يشعرون"
"وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون"
"يُخفون في أنفسهم ما لا يُبدون"
"يختانون أنفسهم"
"وأنفسهم كانوا يظلمون"
"انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضلّ عنهم ما كانوا يفترون"
"إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم"
"لقد استكبروا في أنفسهم"
"وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوّا"
وهؤلاء يزعجهم أهل الحق لأنهم يكشفونهم أمام أنفسهم، فيسخرون منهم ويلمزونهم ويطعنون فيهم ويظاهرون عليهم عدوهم "وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود".
من عرف نفسه بالحق، فقد عرف ربه الحق
ومن عاش بالحق، لم يرض إلا صحبة أهل الحق
" أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ"