.
غَزَّة كلمة قديمة، يقال فينيقية أو إغريقية أو عبرية، تعني المَنَعة والقوة والعزة.
أسماها العرب "غزة هاشم" لأن هاشم بن عبد مناف، جد النبي صلوات الله عليه وآله، توفي فيها وهو عائد من تجارته. وهاشم كان قائدًا لقومه والمتولّي لمهام الرفادة والسقاية، وهو من سن لقريش الرحلتين: رحلتي الشتاء والصيف، وهو الذي أعاد بئر زمزم بعد أن طمرت عدة قرون وهو أول من أطعم الثريد بمكّة، وكان ذلك في مجاعة، فسمّي هاشمًا (وكان اسمه عمرو)، وفي ذلك يقول الشاعر:
عمرو الذي هشم الثريد لقومه... قوم بمكة مُسنتين عجافِ
سنت إليه الرحلتان كلاهما... سفر الشتاء ورحلة الأصيافِ
والارتباط بين آل محمد وأهل غزة أوثق من ذلك، لأن تاريخهما هو تاريخ من الحِصَار والصمود.
حوصر عبد المطلب في مكة عندما جاء أبرهة ساعيًا لهدم البيت الحرام
ثم حوصر أبو طالب وبنو هاشم وبنو المطلب في الشعب ثلاث سنوات، حصار مادي بالتجويع ومعنوي بالمقاطعة التامة من سائر قريش
ثم حوصر الإمام علي ليلة الهجرة وهموا بقتله ظنًا أنه النبي
ثم حوصر النبي نفسه والمهاجرين والأنصار في غزوة الأحزاب من المشركين والمنافقين
ثم حوصر الحسين في كربلاء حتى استشهد هو وآله
وها هي غزة هاشم اليوم تعيد العزة والكرامة للأمة بعد كل هذه السنين العجاف وتوحد الأمة كما فعل هاشم قبل قرون. وحصار اليوم يذكِّرنا بحصار الأمس، ومثلما زال ذاك سيزول هذا "وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ".