Gaza has revived all of Mankind
غزّة أحيت النّاس جميعًا

يقول تعالى في كتابه العزيز: "مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَيۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا وَمَنۡ أَحۡيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحۡيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۚ " (البقرة: 72)

والإحياء هنا يعني الاستنقاذ والحماية والنُّصرة، وليس كالإسلام عقيدة في إعلاء قيمة الحياة، وقيمة الدفاع عن النفس البريئة والانتصار ضد العدوان والظلم. وفسرها صاحب ظلال القرآن أن الاستحياء بمنع وقوع القتل على النفس المحرمة "هو استحياء للنفوس جميعًا، لأنه صيانة لحق الحياة الذي تشترك فيه النفوس جميعًا". ويروى عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنه سئل عن هذه الآية فقال أن تأويلها الأعظم هو إخراج النفس من الضلال إلى الهدى.

وهذا المعنى الثاني، معنى الهُدى، هو الذي قصده شوقي في بردته إذ يقول مادحًا النبي صلى الله عليه وآله:

أخوك عيسى دعا ميتًا فقام له
وأنت أحييت أجيالًا من الرِّممِ

ويقصد أنه لولا مجيئه صلوات الله عليه وعلى آله، لتساوت أجيالًا لا عدّ لها في الموت والحياة، ما دامت تعيش بلا هُدى.

وغزة وشهداؤها اليوم، وكل يوم، يحيون الأمّة بالمعنيين. فالشهيد الذي يسقط إنما خرج لوجه الله ولحماية المستضعفين، ومن يحكم بمعايير اللحظة قاصر النظر، وإنما الحكم عندما يتحقق وعد الله بنصر جُنده، كم من الأجيال التي أحياها هذا الجيل المرابط؟

وبالمعنى الثاني أيضًا يحيينا هؤلاء الشهداء. يوقظونا من سبات الغفلة المضروبة على الآذان، إلى صحو الحقيقة المفزعة لهذا العالم الظالم معدوم القِيَم وإلى شعاراته الجوفاء. كم منّا أعادته غزة إلى الصراط المستقيم؟ بل كم من خلق الله صاروا يدخلون الإسلام بعد أن أثار إيمان أهل غزة فضوله ليعرف ما هذه العقيدة التي تجعلهم حامدين صابرين هكذا؟

الشهيد هو الحي حقًا، لأنه أكثر من يدافع عن قيمة الحياة على إطلاقها، لا يعبأ بقيمة حياته هو، ما دام سيُحيي بتضحيته الناس جميعًا.

تاريخ النشر 13-07-2024