We have no power
لا طاقة لنا

هناك فئة من الناس تدعي بأن المقاتلين في سبيل الله يغامرون ويلقون شعوبهم في التهلكة ولو اتبعوا نصيحتهم لأنقذوا الضحايا وأوقفوا شلال الدّماء. أولئك قال الله تعالى عنهم: "وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا "

تؤمن هذه الفئة بالعمل وفق موازين القوى بحجة "لا طاقة لنا".

"لا طاقة لنا".. أتى هذا التعبير مرتين فقط في القرآن الكريم، كلاهما في سورة البقرة، مباشرة بعد الهجرة والنبي صلى الله عليه وآله مطرود مطارد، والأمة مستضعفة معذبة، والخصم هو أقوى قبائل العرب وأكثرها نفيرًا وأشدها بأسًا.

المرة الأولى عند حكاية قصة طالوت وجالوت" فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ".

فمن يقول "لا طاقة لنا" في هذه الآية هم ضعاف الإيمان، الذين لا يظنون أنهم ملاقو الله، وأن النصر بالكثرة. فيرد عليهم المؤمنون ليؤكدوا أن الأمر كله لله وحده، وأنهم صابرون.

أما المرة الثانية فهي الآية الأخيرة في سورة البقرة أيضًا، وهذه المرة جاء التعبير على لسان المؤمنين وهم يدعون الله: "رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"

لشدة ألفتنا بالجزء الأول من الدعاء "ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا بها"، ننسى أن ننظر إلى السياق كله للنهاية. فمن يدعو هنا يطلب أمورًا هي كلها لله، تخفيف الإصر، والغفران، والرحمة، ولكن ذلك كله مختوم بدعوة النصر "فانصرنا على القوم الكافرين". ولا يدعو بذلك إلا من كان مقبلًا على قتال، بل من هو في حومة الوغى بالفعل.

تاريخ النشر 05-07-2024
اقتباسات أخرى ذات صلة