الهُدهُد طائر يُعرف في التراث الإسلامي بالحكمة لوروده في قصة سليمان عليه السلام وملكة سبأ، وهو ليس طائرًا عاديًا، بل جندي في جيش النبي المحارب ابن النبي المحارب، وكأنه يعمل في سلاح الاستطلاع،ـ يبصِّر سليمان بما لم يعلمه، ويجيئه "بنبأٍ يقين".
والهُدهُد من حيث وظيفته هذه تعليم لنا أنه "لله جنود السماوات والأرض"، وأنه هو المسخّر، ولو شاء لعلّم سليمان وحيًا، ولكن أراد لنا نحن، من لا نكلم الطير، أن نأخذ بأسباب السماء والأرض.
ومن ناحية قوله، فالتعليم أوضح وأحكم، إذ إن هذا الهدهد بفطرته السليمة عندما رأى هؤلاء القوم الضالين، أدرك أنهم من حزب الشيطان "وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ".
والهُدهُد بإيمانه هذا، وخدمته لحزب الإيمان، شرّفه الله بأن جعلنا نسجد عند كلامه في سورة النمل "اللَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩"، وكل السجدات في القرآن الكريم جاءت قولًا من الله جل وعلا، عدا هذه.
والهدهد إذ يقرر أن الله هو ذي العرش العظيم، فإنه ينكر جميع عروش البشر غير المتصلة به، فعرش ملكة سبأ باطل، أما عرش سليمان، فذا مدد إلهي، ولذلك فهو عرش حق، فلا يصير صاحب المُلك ذا شرعية ما لم يسجد لذي العرش العظيم.
وهذا المعنى البديع ينوّر لنا ما فعله يوسف (ع) في ختام قصته:
"وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا.... إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ"
ألا من يمنحنا بصيرة كهذا الهُدهد.