بعد ما يقرب من ٥ سنوات، وأكثر من 3000 منشور، ورحلة شاركنا فيها مليون ومائة ألف متابع، تم اغلاق أكبر حساب لغوي-ثقافي-أدبي يختص باللغة العربية على منصة إنستجرام، والأرجح أننا لن نتمكن من استعادته. خاصية الطعن غير متاحة والإشعارات التي تصلنا تنبئ بذلك، ولا نعلم في الوقت الحالي ما مستقبل الحساب.
حساب ضاد كان هدفه ورؤيته منذ إنشائه هو نشر اللغة العالية والارتقاء بالذوق العام، وترجمة النصوص الأدبية العربية وإحياء الاهتمام بها، وحمل قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية. ما ميّز الحساب كان تركيزه على عدة محاور أساسية كانت هي بوصلتنا:
- الخروج بالأدب العربي إلى رحابة التواصل اليومي وتقديم اللغة العربية بأسلوب سهل ومبتكر يلائم روح العصر وطبيعة التواصل فيه، ومنح غير الناطقين باللغة العربية فرصة لتذوقها وذلك من خلال إنشاء مساحة افتراضية أشبه ما تكون بمتحف للألفاظ والمعاني والأبيات الشعرية التي يتجلى فيها روعة اللسان العربي، مصحوبة بالترجمة والملاحظات والرسومات التوضيحية
- تسليط الضوء على ثنائية البلاغة والأخلاق من خلال نشر أحاديث الرسول وتراث أهل بيت النبوة عليهم السلام ومن أكثر أعمالنا انتشارًا هو مخطط مكارم الأخلاق الذي جمعنا فيه طائفة من الآيات القرآنية تدعو إلى حسن الخلق، استلهامًا لحديث لسيد الخلق ﷺ (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وكذلك نقل كلام الصحابة والتابعين وعيون الحكمة العربية من كل المذاهب ومن شرق بلادنا وغربها.
- الاشتباك مع واقع القضية الفلسطينية والوقوف مع كل حركات المقاومة ضد الكيان الصهيوني وتبيين الحقائق وتصحيح الأكاذيب، وجعلنا الأقصى وفلسطين الوجهة والبوصلة في منشوراتنا حول ذلك
- ترجمة النصوص الرفيعة وشرحها وتوضيح بعض تحديات واشكاليات الترجمة واستخدام الترجمة كجسر بين الثقافة العربية والثقافات الأخرى وكذلك كرمز للتعددية سواء من حيث الفهم أو توصيل المعنى أو تنوع الترجمات، وبذلك كنا نسد فجوة رهيبة في ترجمة دواوين العرب ومنجزاتهم الثقافية، ومن يتابعنا يعرف كيف كانت منشوراتنا مساحة للمناقشة حول كيفية نقل ثقافتنا بإخلاص وإتقان.
- نبذ الطائفية بكل أشكالها واتباع نهج وسطي لا يقبل بالنعرات المذهبية ولا يسكت صوت العقل، وتقديم سردية مضادة لسردية التيارات المتعصبة من جهة التي تروج للكراهية والطائفية والتكفير، وتيارات التحرر على الطراز الغربي التي يروج لها الغرب وتساهم في الانحلال الأخلاقي وتفسخ الأمة من جهة أخرى. وتقديم نموذج حضاري متجذر في لغتنا وثقفتنا وديننا وهوياتنا العربية والإسلامية.
رغم كل ذلك والمحتوى الذي نحسبه كان بارقة أمل لمتابعينا، فإننا بكل الأسى لم نتعرض للمنع إلا ممن يرفعون شعارات الحرية ويدعون الاهتمام بالإسلام وأهله، وهم من قادوا حملة شعواء من البلاغات بسبب موقفنا الداعم للمقاومة الإسلامية في لبنان، وهم من أعلنوا الشماتة بما حدث في تغريدات بذيئة بالغة الفجور في الخصومة وأبعد ما تكون عن الشمائل المحمدية. وليس ذلك بجديد، فالرسائل من هذه النوعية كانت تصلنا بلا انقطاع من التكفيريين والمتصهينين، وهما وجهان لعملة واحدة في حقيقة الأمر، وزادت حدتها مع استمرارنا في دعم وحدة الساحات وعدم الانجرار في معارك تبث الفرقة وتغفل الناس عن عدوهم الحقيقي.
إغلاق الحساب كان متوقعًا ولم يفاجئنا، بل توقعناه مرارًا قبل ذلك، ولم نبالِ به وكنا على مواقفنا، بل نعتبره وسام شرف ونعتز بأن سبب إغلاق الحساب هو نصرتنا للحق وأهل الحق ودعمنا لحركات المقاومة الشريفة ضد الكيان الغاصب، وهذا ثمن كنا ولا زلنا على استعداد لبذل كل شيء في سبيله.
في الوقت الحالي، وحتى نعرف المصير النهائي لحساب ضاد على إنستجرام arabicwords_0، سنستمر في النشر على حسابنا هذا على منصة إكس @arabicwords_0، وكذلك على حسابنا الجديد على إنستجرام arabicwords_1، ولن يتوقف عملنا في سبيل الحق وفي سبيل اللغة العربية وأهلها وثقافتها. ونرجو من متابعينا المخلصين شركائنا في هذه الرحلة نشر هذا البيان والدعوة لمتابعة حساباتنا الأخرى في مواجهة هذه الحملة.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
صفحة ضاد