في عصر يوم تاسوعاء جمع الحسين (عليه السلام) أصحابه وأهل بيته ليأذن لهم بالتفرق. وخطب فيهم قائلًا:
"أما بعد فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرًا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل ولا أفضل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني خيرًا، ألا وإني لأظن يوما لنا من هؤلاء الأعداء، ألا وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا، ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله، فإن القوم إنما يطلبوني ولو قد أصابوني للهو عن طلب غيري".
فقال له اخوته وأبناؤه وبنو أخيه: ولم نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبدا. سبحان الله فما يقول الناس لنا؟ يقولون: إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام، ولم نرم معهم بسهم، ولم نطعن معهم برمح، ولم نضرب معهم بسيف، ولا ندري ما صنعوا لا والله لا نفعل ذلك ولكن نفديك أنفسنا وأموالنا وأهلينا، ونقاتل معك حتى نرد موردك، فقبح الله العيش بعدك.
وقال مسلم بن عوسجة (وفي روايات أخرى سعيد الحنفي): والله لو علمت أني اقتل، ثم أحيى، ثم اقتل، ثم أحرق، ثم اذرى، يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك، وكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا.