إِنَّهُ لَيْسَ ثَأْرَكَ وَحْدَك، لَكِنَّهُ ثَأْرُ جِيلٍ فَجِيلْ

ردًا على المنشور الذي عرضنا فيه مقولة لزوجة الشهيد خضر عدنان حيث تقول "في جنين جيل يبحث عن ثأر أبيه" علق البعض ناصحًا والآخر معترضًا أن مثل هذه المقولات تدمر القضية الفلسطينية وتكرس مفهوم الثأر الذي هو مفهوم جاهلي منبوذ في الإسلام.

لهؤلاء الذين يتصيدون الألفاظ التي يفوه بها الضحية، الكلمات ليست موجودة في فراغ، وإنما تفسيرها وليد سياقها على أرض الواقع.

يغيب عن هؤلاء أن الثأر ليس بالضرورة كلمة سلبية أو يشير إلى الجريمة المذمومة. فالثأر لغة يشير إلى قتل القاتل. وهذا قد يكون بالحق أو الباطل، والحكم للسياق.

ففي معجم الصحاح في اللغة: ثَأَرْتُ القتيل وبالقتيل ثَأْراً وثُؤْرَةً، أي قَتَلْتُ قاتِلَهُ.
وفي معجم اللغة العربية المعاصر يتسع المعنى: أن تطلب المقابل لجناية جنيت عليك، معاملة بالمثل كردّ على إهانة أو عمل ما.

فالثأر قد يكون محمودًا إن كان لنصرة الحق أو رد الظلم، ولا سيما إن كان في إطار مقاومة محتل يقتل المسالمين بلا هوادة، وهو حق لا يكفله الدين وحسب، وإنما المواثيق والقوانين الدولية.

وفي هذا المعنى المحمود للثأر يقول أمل دنقل في أبياته الشهيرة:

إنه ليس ثأرك وحدك،
لكنه ثأر جيلٍ فجيل
وغدًا..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل

وفي أبيات للإمام الشوكاني يدعو فيها الله:

وانْصُرِ المظْلُومَ عِرْضاً
مِـنْ جَمِيعِ الظَّالِمينا
واجْعَـلِ الثَّأرَ عَلَيْهِمْ
عِبْــرَةً للعالَمِينــا

ومفردة الـ "ثأر" تشير دائمًا إلى رد فعل، ولذلك فهي ليست فقط مناسبة للسياق الفلسطيني، بل ولعلها تكون مستحبة. يقول مريد البرغوثي: "إذا أردت أن تسلب الناس فإن أسهل طريقة هي أن تروي قصتهم وتبدأ بـ«ثانيا» وتهمل بل تلغي أولا. كمن يبدأ القصة مثلا بسهام الأمريكيين الأصليين وليس بوصول الإنجليز لأمريكا!، وهنا سوف تحصل على قصة مختلفة تماما."

الاحتلال وأعوانه دائمًا ما يبدأون القصة من ثانيًا ليصوروا أن مقاومة الفلسطينيين هي العدوان الذي يستوجب الرد، بينما الرواية الحقيقية غير ذلك.

تاريخ النشر 08-07-2023
اقتباسات أخرى ذات صلة