يؤثر التصميم المعماري وتخطيط المدينة في الإنسان من نواحي عدة؛ فهما يؤثران من نواحي مادية وعاطفية واجتماعية وثقافية وصحية ونفسية وسياسية ودينية وقيمية واقتصادية وبيئية، وتحدث هذه التأثيرات بطريقة واعية أو لا واعية. فالإنسان هو المستخدم الأول للمدينة والسكن، والعيش فيهما والتعاطي معهما يشكّل عاداته دون شعوره، وأغلب المشاكل التي نعاني منها اليوم هي بسبب سوء المنظومة العمرانية كما سنوضّح لاحقًا في هذه السلسلة.
وللأسف؛ معظم الناس يجهل ذلك (أو يتجاهله عمدًا)، ويساهم في ذلك سوء تخطيط المدن التي نعيش بها، فالتخطيط لا يرتقي لحجم طموحاتنا، وسياساتنا العمرانية مُكَبّلة حيث لا نشارك في تخطيط مدننا لتلبّي احتياجاتنا ولا يمكننا إحداث أي تغيير.
لكن إذا كان تخطيط مدينتنا لا يتوقف علينا كأشخاص، ويمر بقوانين وتشريعات وسلطات أكبر، فلا زلنا نتحكّم في تصميم منازلنا نحن بشكل كامل، وإذا خذلَنا تخطيط مدينتنا، فمن الضروري ألا نخذل أنفسنا في تصميم منازلنا.
مبادرتنا مُقامة @moqama.kw هي حِراك عمراني ثقافي يربط بين الإنسان والعمران وما وراءهما، ويسعى هذا الحِراك للوصول إلى عمران محلّي معاصر مستدام يعكس ثقافتنا ويناسب بيئتنا. والاسم مقتبس من "دار المُقامة" التي ذُكرت في القرآن الكريم، وهي الجنة، لأن أهلها يقيمون فيها ولا يخرجون منها ولا يتحوّلون عنها لكثرة خيراتها وتوالي مسرّاتها وزوال كُدوراتِها.
ولهذا السبب أطلقنا اسم مُقامة على هذا الحِراك، لأننا نؤمن أن التغيير ينطلق باحتواء منازلنا على "جنة" مصغّرة تشعرنا بحجم الفارق بين جودة الحياة في سكن يتنفّس بالحياة وبين منزل بليد جامد. حينها سنتمكّن من زيادة وعينا وقياس حجم المشكلة وأخذ التغيير من منازلنا إلى المدينة، فالتغييرات الصغيرة تنمو وتكبر وتتراكم وتتنامى لتشكّل فارقًا واضحًا في يوم من الأيام، فمجموعة من المنازل تشكّل حيًّا، ومجموعة من الأحياء تشكّل مدينة، ومجموعة من المدن تشكّل دولة.
✍🏼عبدالعزيز العنزي
مهندس معماري من الكويت
مؤسس @moqama.kw ، @takweenkwt
•••
أصدقاء ضاد: سلسلة من المنشورات نخصصها لعرض مساهمات أصدقاء صفحة ضاد. هدفنا طرح مواضيع متنوعة من وجهات نظر مختلفة وتسليط الضوء على شعراء وكتاب وباحثين ومهتمين بالشأن الثقافي من جميع أنحاء الوطن العربي.
الصور في المنشور:
@ziadbedros 📸
@bymaheryammine 📸