كُلّما ارتقى قائد ليلتحق بالرفيق الأعلى وبإخوانه الذين سبقوه، تجدد الجُرح في قلوبنا وذقنا مرارة الفقد ثانية، والشجا يبعث الشجا كما يقول الشاعر.
اليوم تُعلن المق//ومة ارتقاء أبي خالد، قائد الطوفان المبارك والعقل المدبّر للمعركة الكُبرى التي ستكون بإذن الله تعالى بداية التحرير. عندما فشل العدو في اغتياله خلال معركة العصف المأكول، وصفه المتحدث الرسمي بأنه "قدر الله" الذي بعثه على المفسدين في الأرض ليسومهم سوء العذاب، والذي جعل فشل العدو على ما يزيد من ربع قرن واضحًا وضوح الشمس في رابعة النهار.
هذا البطل الأسطوري كان في أشد الحرص عند إعلان بدء الطوفان أن ينادي الأمة كلها، بدءًا من الشعب الفلسطيني في الضفة والداخل المحتل، إلى الأحرار في لبنان والعراق وسوريا واليمن وإيران، إلى جميع الشُعُوب العربية والإسلامية التي تتحرق شوقًا إلى نُصرة القضية... ناداهم لنيل هذا الشرف وأجابه من أجابه، وجدّد للأمة دينها في فترة حالكة كادت أن تنطفئ فيه جذوة القضية الفلسطينية للأبد.
القاسم المشترك بين القادة الذين اصطفاهم الله خلال الطوفان أن لديهم بصيرة ثاقبة أدركوا بها أن هناك زمنًا قد آذن بالرحيل، زمن الانقسام والتحزب والفتَن. وأنّ هناك زمنًا قد آذن بالوصول، زمنٌ تعود الكرّة فيه للمستضعفين في الأرض، وتتحد أمة الرسالة الخاتمة وحدة لا انفصام بعدها، زمن لا بد من أجله أن تُبذل أزكى الدِّماء. وقد اختاروا جميعًا رحمهم الله أن يكونوا في مقدّمة المضحِّين.
يقول أبو خالد في خطاب الطوفان: "اليوم اليوم، يفتح التاريخ أنصع وأبهى وأشرف صفحاته.. فمن يسجّل اسمه واسم عائلته واسم بلدته في صحائف النور والمجد؟"
في الفصول القادمة من هذه المسيرة المباركة، سيظل صدى هذا السؤال يتردد في الأسماع، وستظل سيرة القادة الشهداء مؤكدة عليه، ويستجيب لندائهم خيار أمتنا حتى يتحقق الوعد المفعول بإذن الله تعالى.