القصيدة التي ألقاها الشاعر سديف حمادة في يوم تشييع سماحة الأمين:
قِفِي خلفَكِ اصطَفَّتْ سَمَاءٌ وأَنفُسُ
أَنْتِ أُمُّ الأرضِ والأرضُ تَحْرُسُ
قَفِي واسمَعِي الأشجَارَ تَتْلو جُذورَها
على الرِّيحِ، صَلَّت فالمَكَانُ مُقَدَّسُ
وإِن شِئتِ أَن تَمْشي، مَشَت رِئَةُ
القُرَى، وعِطْرُ الينابِيعِ التِي تتنفَّسُ
وجَاءَتْ موَاقِيتُ المَكَانِ مُضاءةً
بِلَيْلِ العَباءاتِ التي تَتَلَبَّسُ
غُرِسْتَ كَمَا الأَحْدَاقُ فِي أَعْيُنِ الوَرَى
وأَعْجَبُ كِيفَ الأَرْضُ فِي الأَرضِ تُغْرَسُ
وكَيفَ لِضَوءٍ حَاوَلَ العَتْمُ حَبسَهُ
رُهَابًا، فَصَارَ العَتْمُ في الضَّوءِ يُحْبَسُ
رَأَيتُكَ، كانَ المَوْتُ في الظِّلِّ واقِفًا
وكُنتَ إِذَا أَوْمَأتَ أَسْرَعَ يَجلِسُ
وَحَوْلَك أَمْلَاكٌ تَدُورُ كَدَوْرَةِ الكَلِيمِ
عَلَى الجُذْوَاتِ فِي الطُورِ تُقْبَسُ
فَأصْبَحتَ جَنبًا من طُواهُ مقَدَّسًا
وَنَحْنُ سُعاةٌ علَّنَا بِكَ نَأْنَسُ
فَيَا كُلَّ أَسْوَارِ الحَيَاةٍ وَطُورَهَا
فَدَيْتُكَ طَوْدًا خَلْفَهُ نَتَمَتْرَسُ
لَنَا مِن صَفِيِّ الرُّوحِ عِطْرٌ يَمُرُّ في
القُرَى، يَمْسَحُ الجُدرانَ أو يتَحَسَّسُ
ومِن دَمِك المُرتَاحُ فَوْقَ تُرَابِنا
شُتُولٌ مِنَ الزَّيتُونِ غَرْسٌ مُؤَسَّسُ
ومِن مُفرَدَاتِ الحُبِّ أَجْمَلُ لَثْغَةٍ
بِهَا نَتهَادَى كُلَّ عِيدٍ ونَهمُسُ
لأنَّكَ خُبزُ الجائِعِينَ وقَمحُهُم
ومَوْسِمُ مَاءِ الأَرضِ إذْ تَتَيَّبَّسُ
وأَنتَ صَبَاحَاتُ الحدِيقةِ ضُمِّنَت
بِوَجْهِك عِطْرٌ بِالجَنُوبِ مُغَمَّسُ
وأَنتَ قُرَانَا تَفْتَح البابَ للنَّهَارِ كَيْ
يَدْخُلَ النَّصرُ البَهِيُّ المُقدَّسُ
لَنَا مِن عُيُونِ الرَّابِضِين مَسَاكِبٌ
مِنَ الضَّوءِ تَصْحُو فِي البُيُوتِ وتَنْعَسُ
وَأَنتَ نَعِيمَ الدَّارِ حَدِّث بنِعمَةٍ
لِسَانُ بَيَانِ الشَّمسِ والشَّرقُ أَخْرَسُ
وحَولَكَ يَا شَيْخَ المسَافَةِ أُمَّةٌ
مِنَ الشُّهَدَاءِ الصِّيدِ حَولَكَ جُلَّسُ
ومِن عَمَّتَيْنِ انثَالَ خَيطُ عَمَامَةٍ
تُمارِي شَغَافَ الطُّهْرِ، لِلطُّهْرِ مَلْمَسُ
لِذَا يشتهِيهَا المَاءُ يَومَ جَفَافِهِ
وَأَرضُ الحَوَارِيينَ حِينَ تُدَنَّسُ
وأَنتَ سُلَافُ السَّيْفِ أنتَ لِواؤُنا
وَأَنتَ الأَمِينُ المُستَدَلُّ المُرَأسُ
مَتَى تَنهَض اصْطَفَّ النَّهَارُ وأهلُهُ
وإِن تَصطَلِ اشعَلَّ المَسَاءُ المُغَلَّسُ
وإن تُشِر الآنَ استَعَدَّت جَحَافِلٌ
فَإِن تَمشِ يَمْشي المُستَهَابُ المُخَمَّسُ
وإِن تَقتَحِم في المُستَحيل تَقَحَّمَت
جِيَادٌ مُغِيرَاتٌ وسُفْنٌ وغُمَّسُ
فَأَومِئ تُخَبِّرك الصُّدُورُ بِأَنَّنا
عُرَاةُ العِظَامِ البِيضِ لَا نَتَوَجَّسُ
صفَائِحُنَا رُهفٌ وصُفرٌ بَوَارِقًا
لَنَا فِي فُنُونِ الحَربِ مَتْنٌ يُدَرَّسُ
تُغِيرُ على المَوتِ الزُّؤَامِ تُشُدُّه
بِتَلِّ النَّوَاصِي السُّودِ لَو يَتَغَطْرَسُوا
وَأَنْتَ الأَمِينُ العَامُّ خَيرُ خَليفَةٍ
أَأَحسَنتَ أَو أَهْشَمتَ أَو تَتَعَبَّسُ
***
يا شيخ النصر ولم نزلِ
في بطن الأرض وفي الجبلِ
ترتاح الشمسُ على يدك اليمنى
واليسرى في زحلِ
فارفع يمناك فإن لنا
دمنا يأتيك على عجلِ
فأشر بالإصبع لا تقلِ
وأشر بالإصبع لا تقُلِ
يا نعيمنا الذي نحن فيهْ
ويا شيخنا الذي نفديهْ
ويا قاصم عدونا حين حُمَّ القتالْ
وتزاحمت النصال على النصالْ
يا حامل اللواءْ
وحارس الأرض والماءْ
من جنوب الحرف والحبر والدمِ
والأجساد المزروعة كالأوتاد والجبالْ
من بقاع القِيَم والشَّمَمِ والحُبِّ
وجهات القلب ومعدن الرجالْ
من شرق الشرق وشمال الشمالْ
من بيروت.. وضاحيتها التي لا تموتْ
من القُرى والذُّرى والبيوتْ
إنا على عهدنا القديمْ
نبايع النَّعيمْ
والنداء:
يا الله يا كريمْ
احفظ لنا الشيخ نعيمْ