أنا من حسين

⁨ ⁨(إن كل ما لدينا هو من عاشوراء) هذه العبارة الشهيرة للإمام الخميني تكاد تكون تفسيرًا لقول الرسول صلى الله عليه وآله (حُسين منّي وأنا من حُسين). فالجزء الأول من الحديث (حسين مني) مفهوم لأن الحسين هو فرع لشجرة أصلها رسول الله. ولكن الجزء الثاني وهو موضع الشاهد (أنا من حسين) يحتاج وقفة. فكيف يعود الفرع فيكون أصلًا؟

يقول بعض المفسرين بأن قوله (ص) “أنا من حسين” هو مجاز مرسل. والمقصود: “رسالتي، بقاءها واستمرارها وحفظها، هو ببركة تضحية الحسين”. وكأن دماء الحسين (ع) مصداق لقوله تعالى: “إِنّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” فحفظ القرآن والدين الإسلامي لا يتحقق فقط بمعجزة خارقة، بل يتحقق لأن الله سبحانه سيُسخِّر له من عباده من يحفظون حرفه ولفظه، والأهم أنه سيسخّر له من سيحفظون معناه وحقيقته من التزييف.

كانت المؤامرة الأُموية على الدين خطيرة، مؤامرة تهدف لمحو هذا الدين، وأوصلوه بالفعل إلى حافة الهاوية باستغلاله لاقتراف المعاصي وإجبار الأمة على السكوت على الجور. حينها لبى الحسين صرخة الإسلام واستجاب لاستغاثته وإنقاذه.

هذه الدماء الزكية عندما يسمع بها كل جيل منذ سُفِكت، فإنه لا بد أن يستغرب كيف يقتل ابن بنت النبي؟ وبأي ذنب؟ ولماذا قتل هو وأهل بيته بهذه الوحشية، وأي أمة التي ترى هذه الرؤوس معلقة على الرماح فلا تثور من أجلها؟ بمجرد سماع القصة، تظهر بركة دماء الحسين..حينها يعيد كل جيل اكتشاف حقيقة وجود إسلامَيْن، إسلام ربانيّ محمديّ حسينيّ يدعو للخير والعدل، و”إسلام” مكذوب منتحل يدعو للذل والخنوع والانصياع للظلمة، بل ويفاجَأ كل جيل بأن الإسلام المحمدي الأصيل دائمًا كان قليل الأنصار لكن يُكتب له الاستمرار والنماء.

لولا كربلاء، واصطفاف الحق والباطل إلى صفين متمايزين في معركة بهذا الوضوح، لنجحت المؤامرة وطويت صفحة دين محمد (ص)، وبقي الدين الآخر الذي يحمل اسمه فقط دون روحه ومبادئه. ولذلك فكل ما لدينا... وكل ما بقي من هذا الدين العظيم هو من عاشوراء.. هو من بركات دماء الحسين. “أنا من حسين” يعني أن الإسلام محمديّ الوجود حسينيّ البقاء، ولقد أعقب الرسول هذا بقوله “أحب الله من أحب حسينا”، والحُبّ في هذه الشريعة العظمى لا يكون بالقلب فقط، وإنّما يكون بالعمل الذي يصدّق القلب، وبالتالي فالرسول (ص) كان يدعو في حقيقة الأمر إلى نصرة الحسين الذي كان يمثل الحق المطلق آنذاك واتباع منهجه بنصرة الحق في كل زمان ومكان.⁩⁩⁩⁩⁩⁩⁩⁩

(وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)

تاريخ النشر 27-06-2025
اقتباسات أخرى ذات صلة