في خطبته يوم عاشوراء، يسأل الحسين عليه السلام: "ألا ترون أن الحق لا يعمل به وأن الباطل لا يتناهى عنه؟"
هذا السؤال أتى محملًا بنبرة من الاستنكار لحال الأمة آنذاك، واستعظام لفقدانها القدرة على إدراك هول مُصابها، وحجم الفاجعة التي تتمثل في موالاة الأمة لألد أعدائها، ومعاداتها لأخلص أوليائها.
وهو صدى لصوت رسول الله صلى الله عليه وآله عندما قال لقريش "إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد".
واليوم يتردد هذا الصدى.. المقـ//ومة تصرخ بأن القضية ستُصفى للأبد وستدمر دولكم وتنهب مواردكم في القريب العاجل جدًا، من صدقهم من عامة الناس إلا أقل القليل؟
هذه هي الحالة التي نراها الآن غالبةً على الناس إلا من رحم الله، أي عدم رؤية الكارثة كارثة. أمام أعيننا إبادة، وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون. فهم لا يستهولون الشيء الفظيع المنكر، ولا يستحسنون الشيء البطولي.
بل إن الانحراف وصل إلى درجة أن بني أمية، الذين افتتحوا سلطانهم بالمجازر ضد أهل البيت عليهم السلام وبقية أبناء الأنصار في كربلاء وواقعة الحرة، أصبحوا رموزًا يمجدها أنصار ثورة تدعي أنها خرجت من أجل الحرية.
هذا في حين أن الحسين عليه السلام، النموذج المثالي للثائر الذي تجمع الفرق كافة على صلاحه وسيادته وعلمه وشرفه واجتماع الخصال الحميدة فيه، أي أنه جديرٌ بأن يكون الملهم والقدوة في أي حراك تحرري، لا يلقى مثل هذا الاحتفاء من أولئك "الثوار".
ألا يدل ذلك على خلل في وعي مجتمعاتنا وشلل نفسي استلبها إرادتها؟