والله لا تتهنَّأ بذلك

الآن، وبعد أن انجلت الغُبرة، واستُـنننـ/ـهد الإمام الحسين عليه السَّلام مع جمعٍ من أهل بيته وأصحابه، وجرى عليهم ما جرى… ينبغي لنا أن نتأمل بدقّة فيما حدث بعد ذلك، ونستلهم منه العِبَر والدّروس.. وأحد أهم الدروس هو التّعلّق والطمع بالدّنيا، أي شراء الدّنيا بالآخرة.

"مُلك الرّي مُقابل رأس ابن بنت رسول الله (ص)"
الطّمع بالحصول على مصلحة دنيويّة مقابل بيع الآخرة.

وشاهِدُنا الأبرز على ذلك هو عمر بن سعد في واقعة كربلاء، الذي أغراه وعدٌ بحكم الرّي، فاختار سبيل الطغيان وانتهى به الأمر إلى قتـ/ل ابن بنتِ رسول الله (صلى الله عليه وآله).

وتنقل كتب التّاريخ أنَّ الإمام الحسين (عليه السَّلام) استدعى عمر بن سعد، فدُعي له ـ وكان كارهًا لا يحبّ أن يأتيه ـ فقال (ع): «أي عمر، أتزعم أنّك تقتـ/ني ويولّيك الدعيّ بلاد الرّي وجرجان؟ والله لا تتهنّأ بذلك، عهد معهود فاصنع ما أنت صانع، فإنّك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة، وكأنّي برأسك على قصبة يتراماه الصبيان بالكوفة ويتّخذونه غرضًا بينهم»، فصرف بوجهه عنه مغضبًا.

وقد صدق الإمام الحسين (عليه السَّلام) في قوله، إذ نُقل أنّه بعد استـنننـ/هاد الإمام الحسين (عليه السَّلام) وأصحابه، أمر عمر بأن تُسحق الأجساد بالخيل.

وبعد دفن قتـ/لاه سار بجيشه إلى الكوفة ومعه الأسرى من أهل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولما قدم إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة طلب منه الكتاب الذي كتب له في قتـ/ل الإمام الحسين (عليه السَّلام) ، فقال إنّه ضاع. وحينما خسر ابن سعد كلّ شيء قال: "ما رجع أحد إلى أهله بِشَرٍّ مما رجعت به، أطعت الفاجـ/ر الظّـ/لم ابن زياد وعصيت الحكم العدل وقطعت القرابة الشّريفة".

لذا، فإنّ كلّ الذين يُخضعون أنفسهم للطّا-غوت، ويُطبّعون العلاقات معه طمعًا في مكاسب دنيويّة، قد أخطأوا في التقدير والحساب؛ فحتى المصالح الدنيويّة لا تُنال بهذا الطّريق، بل تقتضي خلاف ذلك، وكما قال سماحة الىىَّىـ/يد في أحد خطاباته العاشورائية: "شهدنا بعد حادثة كربلاء أنَّ المصالح الدّنيويّة الّتي حرص عليها كثيرون لم يحصلوا عليها حتّى في الدّنيا وباءُوا بغضبٍ من الله وعذابٍ عظيم في الآخرة"⁩⁩

✍🏼 ‪‪@zahraa313q_‬‬⁩

... وحتى إن حصلوا على ما يريدون، فهم يعيشون في خطر دائم لأنهم يعلمون أن وجودهم كله مرتبط بمهانة الخضوع لأطماع المستكبرين ونزواتهم، ولأنهم يعلمون كذلك أن السيد الصهيو-أمريكي سريع في التخلي عن حلفائه، حتى أكثرهم انصياعًا لا. فمن يتبع هؤلاء يكون كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "صاحب السلطان كراكب الأسد يغبط بموقعه وهو أعلم بموضعه".

تاريخ النشر 06-07-2025
اقتباسات أخرى ذات صلة