It is the glory of Arabs before all nations Pillar of our revival, essence of our being
هِيَ سُؤْدُدُ العَرَبِيِّ يَوْمَ فَخَارِهِ وَقِوَامُ نَهْضَتِهِ وَسِرُّ كِيَانِهِ

اللغة العربية ليست كسائر اللغات، لأنّها ربّما تكون أكثر لغة على وجه الأرض يتعانق فيها البشري بالإلهي، ويمتزج في عقول أكثر أبنائها الفهم المادي والفهم الروحانيّ لأحداث التاريخ بلا تعارض ولا اختلاف. ذلك أن العربية هي تجلٍّ للمشيئة الإلهية من خلال سير حركة التاريخ.

فبينما يفهم أهل كل لسان تطور لغتهم من خلال العوامل الثقافية والحضارية وحدها، ويفسّرون تطور العربيّة مثلًا بموازينها وأصواتها كنتيجة لثقافة قبائل شبه الجزيرة التي كانت تمجّد بالفصاحة وتحتفي بالشعراء وتتداول الأشعار والمعلّقات، إلا أن العرب أنفسهم يرون ما هو أكثر من ذلك، فيؤمنون أن هذه العوامل إنّما رتّبها الله عز وجلّ لكي يؤهّل البشرية للوحي القرآني الذي سينزل بهذه اللغة ليكون نورًا باقيًا يهدي الناس إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

العربية إذن ليست مجرد وسيلة للتواصل نشأت كيفما اتفق، بل هي لغة ذات هدَف منشود ومهمة خُلِقَت من أجلها.. هي الوعاء الذي اتّصلت من خلاله السماء بالأرض. لغة إن لم تكُن ولِدَت على لِسَان نبيّ (كما تخبرنا الروايات أن أول من نطق بها إسماعيل عليه السلام)، فهي على كل حال ولِدَت لحفظ إرث الأنبياء أجمعين.

إن نظرتنا، نحن أهل الضاد، إلى لغتنا هي نسخة مصغرة من فلسفتنا تجاه سريان المشيئة الإلهية في هذا الكون بأكمله، فنحن نؤمن أن الكون له سننه وقوانينه، وهو في الوقت نفسه تجلٍّ لقدرة الله وحكمته. فكأنها لغة ينطوي فيها العالم الأكبر.

هذا الفَهْم، إن أخذناه إلى مداه وغذيناه وجعلناه محورًا للمبادرات والأنشطة اللغوية، من شأنه أن يملأ أهل العربية باليقين أنّهم مؤتمنون على هذه اللغة وليسوا فقط وارثين لها، وربّما يعيد ذلك إحساس المسؤولية بنفض الرّكام عن تراثها المهجور والاهتمام بها وتعلمها وإتقانها من منطلقٍ صحيح هو تحقيق المهمة الإلهية التي خُلِقت من أجلها وهو إحقاق الحقّ وهداية النّاس.

في اليوم العالمي اللغة العربية، نحمد الله على أن وهبنا هذه اللغة النورانية، وندعو أن نكون ممن أخذها بحقَها وعَمِل لأجلها شُكرا.

وكل عام والضاد وأهلها بكل خير.

تاريخ النشر 18-12-2025