✍🏼 @hassanomar_99
تُعدُّ فلسفة أشهر النور الثلاثة: رجب وشعبان ورمضان، في جوهرها انتصارًا بالنقاط على النفس والشهوات والذنوب، فلا يمكن للمؤمن أن يلج إلى حياض شهر رمضان المقدس بروحية عالية واقتدار كبير إلّا لو عاش تجربة شهري رجب وشعبان والتزم بمقتضياتهما، فرجب شهر التخلية من أدران الذنوب، وشعبان شهر التحلية بالفضائل والطاعات، أمّا رمضان فهو شهر التجلية الذي يتجلى فيه نور الله في عبده المؤمن بعد انتصاره المتدرج على نفسه.
بهذا يكون شهر رمضان انتصارًا وفعلَ تجلٍّ مستمر، يعيشه المؤمن ثمرةً لتراكم ما سبقه من مجاهدةٍ وتزكية، وإذا كان رمضان ذروة هذا المسار الروحي، فإن الذروة لا تكون انقطاعًا عمّا قبلها ولا انفصالًا عمّا بعدها، وبهذا يكون رمضان نفسه انتصارًا بالنقاط لبقية العام، فالمؤمن بعد تربيته لنفسه في هذا الشهر يعيش بقية أشهر السنة باقتدار وطمأنينة وسكون نفس، حتى لو انتكس أو تعثر فهو يعلم أن انتصاره بالنقاط قريب منه، وأن النهوض والإنابة إلى الله ممكنان في كل حين.
من استوعب هذه الفلسفة الروحانية استطاع أن يُسقطها على واقعه المعاش، فيتعامل مع الطغاة والمستكبرين بنفس الأسلوب، فكما أن النصر على النفس يُبنى نقطة بعد نقطة في رحلة روحية متدرجة، فإن النصر على أعداء الله يُبنى كذلك في مسار طويل من المواجهة والصمود والثبات، حتى يتجلى النصر الإلهي كما يتجلى النور الرباني في قلب المؤمن الصائم.
***
كتاب "الانتصار بالنقاط" للدكتور حسن ياسر عمر سيصدر قريبًا عن دار المودة



