لفت نظرنا تشبيه المتنبي في بيته هذا، حيث شبه محاولة الممدوحين إخفاء كرمهم بالغراب الذي يستر نفسه أثناء الجماع:
سَتَروا النَدى سَترَ الغُرابِ سِفادَهُ
فَبَدا وَهَل يَخفى الرَبابُ الهاطِلُ
قال البرقوقي في شرح البيت: السفاد: نزو الذكر على الأنثى. والرباب: غيم يتعلق بأسافل السحاب إذا كثر ماؤه. يقول: إنهم يكتمون معروفهم كما يكتم الغراب سفاده. ثم ذلك لا ينكتم، كما لا يخفى السحاب الهاطل.
يبدو المجاز مضطربًا. أليس كذلك؟ كيف يصح تشبيه مفهوم نبيل كالندى (أو كإخفائه تواضعًا) بهذا التشبيه الغريب؟
قد يكون هذا البيت شاهدًا لما قاله ابن الأثير عن شعر المتنبي:
ولما تأملت شعره... وجدته أقسامًا خمسة: خمس في الغاية التي انفرد بها دون غيره، وخمس من جيد الشعر الذي يساويه فيه غيره، وخمس من متوسط الشعر، وخمس دون ذلك"
وأخيرًا يقول ابن الأثير، وهو الشاهد: "وخمس في الغاية المتقهقرة التي لا يُعبأ بها، وعدمها خير من وجودها، ولو لم يقلها أبو الطيب لوقاه الله شرها؛ فإنها هي التي ألبسته لباس الملام"
فهل يكون هذا البيت من الخمس السَّيِئ الذي يؤخذ على المتنبي؟