استوقفتنا كلمة "قزعة" ونحن نقرأ كتاب جورج جرداق "صوت العدالة الإنسانية" وهو يصف علاقة النبي ﷺ بأبي طالب:

واستمرت الأخلاق الخيرة التي يتميز بها بيت عبدالمطلب تتركز في نفسية محمد وتبدو في تصرفاته. حتى لكأن الله لما اختار رسوله من بني عبدالمطلب اختار لتنشئته هذا العم الكريم. وكأن قوة الوجود الشاملة هيأت لأبي طالب أن يعلم من أمر ابن أخيه ما لا يعلمه سواه. فإذا هو يخرج بالصبي في يوم قحط وجدب، ويطلب إليه برفق ولين أن يلصق ظهره بالكعبة. فإذا الصبي يفعل ما طلب إليه عمه، ويلوذ بإصبعه نحو السماء وما في السماء آنذاك غيمة أو قزعة من غيم. فإذا بالسحاب يقبل من هنا ومن هنا، فيهطل المطر، فيخصب الوادي وتحيا الأرض.
.
المعنى:
القزعة: القطعة من السحاب

وفي "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير:

{ قزع } : في حديث الاستسقاء [وما في السماء قَزَعَة] أي قِطْعة من الغَيْم وجَمْعُها : قَزَعٌ ومنه حديث علي [فَيجتمعون إليه كما يَجْتمع قَزَعُ الخَريف] أي قِطَع السَّحاب المُتَفَرقة وإنما خَصَّ الخريف لأنه أوّل الشتاء والسَّحابُ يكون فيه مُتَفرِّقاً غير مُتراكم ولا مُطْبِق ثم يَجْتمع بعضُه إلى بعض بعد ذلك ومنه الحديث [أنه نَهَى عن القَزَع] هو أن يُحْلَق رأسُ الصَّبيِّ ويُتْرك منه مواضعُ مَتَفَرِّقةٌ غير مَحْلوقة تشبيهاً بقَزَع السَّحاب .

ملاحظة:
وجدنا أن معظم المعاجم في شرح هذه المفردة تذكر حديث لعلي ابن أبي طالب عليه السلام دون شرح معناه: [فَيجتمعون إليه كما يَجْتمع قَزَعُ الخَريف]

بحثنا أكثر فوجدنا أن المقصود هو "الإمام المنتظر" وتشرح بعض المصادر التشبيه على النحو التالي "إنّ تشبيه الإمام اجتماع أصحاب ولده المهدي بقزع الخريف فيه دلالة واضحة علی سرعة اجتماعهم حوله إذا ظهر في آخر الزمان، حيث أنّ الغيوم الخالية من الماء تكون أسرع بحركتها من تلك التي هي محملة بالماء"