لعل أكثر تعليق يتكرر على منشوراتنا يتعلق بإلحاق "عليه السلام" عند ذكر الإمام علي.
يعترض البعض زعمًا منهم بأن العبارة لا تستخدم إلا للأنبياء. ولكن في أمهات الكتب التراثية نجد أن إلحاق "عليه السلام" باسم الإمام وأهل البيت كان شائعًا لدى العلماء من مختلف المذاهب. والبعض الآخر يعترض لزعمهم بعدم جواز تفضيل الصحابة على بعض. وإن سلمنا بذلك جدلًا فالإمام علي ليس صحابيًا. هو من أهل بيت النبوة الذين خصهم الله ورسوله في آيات وأحاديث عديدة أيما تخصيص. فهو من أهل الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ومن أحد الثقلين الذين أمرنا الرسول ﷺ بالتمسك بهم كي لا نضل من بعده وعلي باب مدينة علم الرسول ﷺ "فمن أراد العلم فليأت الباب". وهو من قال فيه الرسول ﷺ "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي" وبه يعرف المؤمن والمنافق "إنه لا يحبك إلا المؤمن ولا يبغضك إلا منافق" والأحاديث في فضائل الإمام عظيمة وكثيرة جدًا.
إضافة إلى كل ما تقدم، هذا الاعتراض يخالف ما يقوله كل مسلم في صلاته "اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد" فنحن لا ندعو لهم فقط بالسلام بل ونصلّي عليهم خمس مرات في اليوم. فأي مكانة عظيمة هذه عند الله سبحانه حتى تصبح الصلاة عليهم جزء من عمود دين كل مسلم.
هذه التعليقات وإن افترضنا أنها صادرة عن جهل وحسن نية إلا أنها تكشف عن ظاهرة خطيرة في التاريخ الإسلامي وهي تغييب فضائل آل البيت وانتزاع الخصوصية التي أرادها لهم الله ورسوله. فهناك من لا يجد فضيلة لآل البيت إلا وأشرك الجميع فيها ولا خطيئة لغيرهم إلا وأدخل أهل البيت فيها ولا حديث يخصهم إلا ضعفه أو غيّبه. فحديث الثقلين بصيغة "عترتي أهل بيتي" من الأحاديث المتواترة في أعلى مراتب الصحة. الحديث مخرج في حديث مسلم وفي مسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم وغيرهم ولكن الصيغة الشائعة هي "كتاب الله وسنتي" وهو حديث ضعيف وإن كان متنه ومعناه صحيح لم يخرجه لا البخاري ولا مسلم ولا أبو داوود ولا النسائي ولا الترمذي ولا ابن ماجه. وهناك أحاديث كثيرة لا نعرفها بسبب هذا الاتجاه الذي ألقى بظلاله على التراث الإسلامي.
الحقيقة هي أن أهل البيت ليسوا فقط الأقرب لرسول الله ﷺ رحمًا بل هم أعلم وأفقه وأتقى وأقضى الناس من بعده وتخصيصهم أمر طبيعي وليس تعصبًا ولا تمذهبًا ولا انتقاصًا من قدر الصحابة الكرام فالرسول ﷺ الذي لا ينطق عن الهوى يأمرنا بمودتهم وباتباعهم وبالتمسك بهم كي لا نضل من بعده و{من يطع الرسول فقد أطاع الله} و{ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا}