{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً} فهم لا ينطلقون مع الناس الذين يثيرونهم بالكلام القاسي اللامسؤول، من مواقع ردّة الفعل الغريزية التي تتحرك بطريقة الإِثارة، في مواجهة الكلمة القاسية الغليظة بالكلمة المماثلة في قسوتها وغلظتها، أو في مقابلة الشتم والسباب، بكلمات الشتم والسباب المماثل أو غير المماثل، بل يدرسون المسألة من موقع العقل المتأمّل الواعي المنفتح على الواقع من جميع جوانبه، فإذا رأوا للموقف خطورةً تستدعي الردّ، كان ردهم لطيفاً حاسماً، وإذا لاحظوا أن الجاهلين يتحركون ـ في كلامهم ـ من مواقع الجهل الذي يتعمد الإثارة، ليخلق مشكلة، أو يثير فتنةً، أعرضوا عن الردّ المباشر وكانت روح السلام الذي يتفادى المشكلة والفتنة والإثارة، هي موقفهم ومنطقهم، فاكتفوا بكلمة {سَلاَماً} هذا الردّ العاقل المتزن الموحي الذي يقول للجاهلين لسنا هنا في معرض الانفعال للدخول معكم في حرب، بل نحن هنا، في موقع الإِعراض عن جهلكم، بروح السلام.
المصدر: تفسير من وحي القرآن للعلامة محمد حسين فضل الله