مقتطفات من مقالة للكاتب الأردني إبراهيم كشت:
لكلمة «مرونة» في أصل اللغة مدلول رائع، يبعثُ على التأمُّل؛ حيث تشير المعاجم اللغوية إلى أن المرونة تعني: «اللين في صَلابةٍ»، إذن فهي حالة يلتقي فيها ضِدّان عند نقطة واحدة لقاءَ تجاذب واندماج، وليس لقاء صراع ونزاع دَرَجَتْ عليه الأَضداد!
يَحْسَبُ البعض أن المرونة نوع من الميوعة، أو التقلُّب، أو الانقياد، أو الانصهار، أو الذوبان، أو اتخاذ المرء شكل القالب الذي يوضع فيه (كما هو حال السوائل)، وهذه نظرة قاصرة، يفنِّدها حتى المعنى اللغوي للكلمة، فالمرونة لينٌ في صلابة… هي القدرة على التكيف الإيجابي والتأقلم والتواؤم، والتعديل في الموقف وفي السلوك بهدف الاستجابة لمقتضيات الظروف المحيطة، كما أنها قابليةٌ لتعديل الأفكار، وتقبّل الجديد، وتجاوز الجمود، كل ذلك إذا ظهرت حقائق أو نتائج واقعية تفرض مثل هذا التعديل.
إذن، فالمرونة حكمة وفطنة ومهارة، وفهم لطبائع الأشياء، واستيعابٌ لسنن الحياة، وإدراكٌ لضرورات التكيّف، وهي الأقرب إلى التسامح، والأبعد عن التعقيد، والأقدر على تحقيق التطور، والأدعى إلى الاستمرار والعطاء، وهي ليست حاجة بالنسبة للفرد وحسب، ولكنها ضرورة للمجتمعات والمؤسسات والدول كذلك.
✍🏼 إبراهيم كشت، «المرونة: حالة يلتقي فيها ضِدّان عند نقطة واحدة»، جريدة الرأي، 20-12-2008