فِدَاءً لمثواكَ من مَضْجَعِ
تَنَوَّرَ بالأبلَجِ الأروَعِ
مطلع عينية الجواهري في رثاء الحسين عليه السلام مكتوبة بماء الذهب في مرقده الشريف بمدينة كربلاء. تعتبر هذه القصيدة من عيون الشعر العربي الحديث ومن أبلغ ما رثي به الحسين.
.
محمد مهدي الجواهري شاعر عراقي ولد عام 1899 في مدينة النجف بالعراق ويعد من بين أهم الشعراء العرب في العصر الحديث. عاش فترة من عمره مُبْعَدًا عن وطنه، وتوفي بدمشق عام 1997م عن عمر ناهز الثامنة والتسعين عامًا.
.
مقتطفات من القصيدة:
.
فِدَاءً لمثواكَ من مَضْجَعِ
تَنَوَّرَ بالأبلَجِ الأروَعِ
بأعبقَ من نَفحاتِ الجِنانِ
رُوْحَاً ومن مِسْكِها أَضْوَعِ
وَرَعْيَاً ليومِكَ يومِ "الطُّفوف"
وسَقْيَاً لأرضِكَ مِن مَصْرَعِ
وحُزْناً عليكَ بِحَبْسِ النفوس
على نَهْجِكَ النَّيِّرِ المَهْيَعِ
.
شَمَمْتُ ثَرَاكَ فَهَبَّ النَّسِيمُ
نَسِيمُ الكَرَامَةِ مِنْ بَلْقَعِ
وعَفَّرْتُ خَدِّي بحيثُ استراحَ
خَدٌّ تَفَرَّى ولم يَضْرَعِ
وحيثُ سنابِكُ خيلِ الطُّغَاةِ
جالتْ عليهِ ولم يَخْشَعِ
.
فيابنَ البتولِ وحَسْبِي بِهَا
ضَمَاناً على كُلِّ ما أَدَّعِي
ويابنَ التي لم يَضَعْ مِثْلُها
كمِثْلِكِ حَمْلاً ولم تُرْضِعِ
ويابنَ البَطِينِ بلا بِطْنَةٍ
ويابنَ الفتى الحاسرِ الأنْزَعِ
ويا غُصْنَ "هاشِمَ" لم يَنْفَتِحْ
بأزْهَرَ منكَ ولم يُفْرِعِ
.
أريدُ "الحقيقةَ" في ذاتِهَا
بغيرِ الطبيعةِ لم تُطْبَعِ
وجَدْتُكَ في صورةٍ لم أُرَعْ
بِأَعْظَمَ منها ولا أرْوَعِ
وماذا! أأرْوَعُ مِنْ أنْ يَكُون
لَحْمُكَ وَقْفَاً على المِبْضَعِ
وأنْ تَتَّقِي دونَ ما تَرْتَئِي
ضميرَكَ بالأُسَّلِ الشُّرَّعِ
وأن تُطْعِمَ الموتَ خيرَ البنينَ
مِنَ "الأَكْهَلِينَ" إلى الرُّضَّعِ
وخيرَ بني "الأمِّ" مِن هاشِمٍ
وخيرَ بني " الأب " مِنْ تُبَّعِ
وخيرَ الصِّحابِ بخيرِ الصُّدُورِ
كَانُوا وِقَاءَكُ، والأذْرَعِ
.
مصدر الصور: قناة كربلاء الفضائية