لَعِبتْ هَاشِمُ بالمُلْكِ

نبذة مختصرة عن قصة استشهاد الحسين والسياق الذي قيلت فيه هذه الأبيات:

نقض معاوية اتفاق الصلح مع الحسن (الذي نص مما نص عليه على عدم توريث الخلافة) ونصّب ابنه يزيد وليًا للعهد بقوة الإرهاب وبشراء الذمم. مات معاوية ورفض الحسين بيعة يزيد، ليس طمعًا في سلطة أو رغبة في مُلك وإنما لطلب الإصلاح:

"إني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر"

فقد رأى الحسين أمر الأمة قد فسد:
"ألا وإنَّ هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرّحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله…. "

وإن يزيد حاكم ظالم فاسق غير مؤهل لقيادة الأمة:
"على الإسلام السلام، إذا بليت الأمة براع مثل يزيد"

وإن بيعته ليزيد إن تمت كانت لتعطي يزيد شرعية من سبط رسول الله ﷺ المؤتمن على دين جده:
"أنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ويزيد رجل فاسق شارب للخمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق... مثلي لا يبايع مثله"
.
أراد الحسين بذلك أن ينزع الشرعية، ليس عن حكم يزيد فقط بل عن كل المستبدين على امتداد التاريخ، وتثبيت قيم الكرامة والحرية والحق والعدل والخير. ولذلك وعلى مدى التاريخ، كره المستبدون الحسين والنموذج الذى قدمه، حاولوا طمسه وتشويهه أو تقديمه على إنه نموذج للإنسان المتهور الذي أودى بحياته وحياة أهله عبثًا أو الطامع في السلطة أو السبب في فتنة شقت صفوف المسلمين أو ضحية حالها كحال أي شخصية قتلت في معركة تاريخية من السذاجة استحضارها بعد 1400 سنة.

استشهد الحسين هو وكوكبة من أهل بيته وأصحابه في موقعة أليمة قل نظيرها.

ويروى أنه لما وضع رأس الحسين بين يدي يزيد، جمع أهل الشام وجعل ينكت بقضيب كان في يده في ثغره مترنمًا بأبيات لابن الزبعرى:
ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل
قد قتلنا القوم من ساداتكم ... وعدلنا ميل بدر فاعتدل

أي أنه يرى أن مقتل الحسين وأهل بيته انجاز وانتقام لما فعله رسول الله ﷺ بأجداده المشركين يوم بدر. مضمون هذه الأبيات هي إيجاز لحالة ثقافية و عقيدة متجذرة آنذاك.

رغم ذلك إلا أن دوافع نهضة الحسين لم تكن شخصية بل رسالية بامتياز؛ فهو كان يعلم من البداية أن مصيره الشهادة. رفض الحسين بيعة يزيد ليس رفضًا لشخصه وحسب بل رفضًا لكل ما آلت إليه الأمور والنموذج المنحرف اللاإنساني للدين الذي كان يراد له أن يكرس على مر الزمن.
.
المصادر: تاريخ الطبري، البداية والنهاية لابن كثير ومصادر أخرى (مرر الشاشة للاطلاع على بعض مما ورد حول هذه الأحداث في أمهات كتب التاريخ)

تاريخ النشر 15-08-2021