مِنْ مَعْشَرٍ حُبُّهُمْ دينٌ وَبُغْضُهُمُ كُفْرٌ، وَقُرْبُهُمُ مَنْجىً وَمُعْتَصَمُ

تعتبر قصيدة الفرزدق في مدح الإمام علي زين العابدين من أعذب وأصدق قصائد المدح العربي، حيث لم ينشدها الفرزدق رغبة في العطاء، ولها قصة شهيرة مفادها أن هشام بن عبد الملك حج ذات عام، فلم يستطع الوصول للحجر الأسود من الزحام، ثم جاء علي بن الحسين (ع) فتنحى الناس من مهابته إلى أن بلغ الحجر، وعندما سأل أحد أهل الشام: من هذا؟ قال هشام: لا أعرفه، فتدخل الفرزدق وقال: لكني أنا أعرفه، وأنشد القصيدة، ولما لامه هشام أجابه: "هات جدا كجده وأبا كأبيه وأما كأمه حتى أقول فيكم مثلها". وللفرزدق ميل لآل البيت، فقد لقي الحسين وهو متجه إلى كربلاء وحذره بمقولته المشهورة: "قلوبهم معك وسيوفهم عليك". وجدير بالذكر أن علي بن الحسين (ع) هو من بقي على قيد الحياة من آل الحسين الرجال بعد مقتل الكثير من آل البيت وأنصارهم في كربلاء حيث إنه كان مريضاً يوم عاشوراء، فلم يكن قادراً على القتال وقيل أنه قاتل قليلاً ثم أتعبه المرض.
.
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم
هذا التقى النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله
بجده أنبياء الله قد ختموا
و ليس قولك: من هذا؟ بضائره
العرب تعرف من أنكرت والعجم
***
مشتقةٌ من رسول الله نبعته
طابت مغارسه والخيم والشيم
ينشق ثوب الدجى عن نور عزته
كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلم
من معشرٍ حبهم دينٌ وبغضهم
كفرٌ وقربهم منجىً ومعتصم
مقدمٌ بعد ذكر الله ذكرهم
في كل بدءٍ ومختومٌ به الكلم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم
أو قيل: من خير أهل الأرض قيل هم
لا يستطيع جوادٌ بعد جودهم
ولا يدانيهم قومٌ و إن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمةٌ أزمت
والأسد أسد الشرى والبأس محتدم
لا ينقص العسر بسطاً من أكفهم
سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا
يستدفع الشر والبلوى بحبهم
ويسترب به الإحسان والنعم

تاريخ النشر 14-08-2021
اقتباسات أخرى ذات صلة