الكافر الذي يهاجم الإسلام أقل ضررًا على الإسلام من مسلم جاهل حاقد سيء الخلق بذيء اللسان غليظ القلب أعمى البصيرة يدّعي بعنجهيته أنه يدافع عن الدين الذي ما نزل إلا رحمة للعالمين وما بعث رسوله إلا ليتمم مكارم الأخلاق. وإذا تمعنا في الألفاظ التي يستخدمها القرآن الكريم لوصف عقلية ونفسية وشخصية الكافر، سنجدها توصيفًا دقيقًا للشخصية التكفيرية العدوانية المستكبرة في يومنا المعاصر.. وسنخصص منشورًا لنبين أوجه التشابه بل التطابق بين هاتين الفئتين.
أما ما نود الإشارة إليه هنا أن مفهوم الكفر في عقول البعض مفهوم مشوه؛ حيث يتوهم هؤلاء أن المسلم بمنأى عن حالة الكفر، وأن الجنة حكرُ على المسلمين فحسب (بل على فئة محدودة يمثلونها هم)، وهذه الفرضية مغالطة كبيرة، ناهيكم عن كونها وهمًا من نسج التفكير المغلق. الكفر قد يتفشى بين الكثير من المسلمين، سواء عن جهل أو حقد أو تعصب، وهذا النوع من الكفر أخطر لأنه كفر خفي ينخر الإسلام من الداخل. فالله سبحانه وتعالى لا يريد إيمانًا نظريًا وحسب.
فإذا أمرنا سبحانه "فَاعْدِلُوا" وأنت تصر على أن ظلم المخالفين عدل، أليس هذا كفرًا؟ إذا أمرنا "ولا تنابزوا بالألقاب" "وقولوا قولًا سديدا" "وقولوا للناس حسنا" و"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" و"ادفع باللتي هي أحسن" وأنت تصر على أن الغلظة هي سبيل نصرة الدعوة، أليس هذا كفرًا وتشويهًا للإسلام؟
فالكفر ليس مجرد عدم الإيمان، وإنما هو أن تبلغك الحجة وتجحد بها.. عندما تبلغك الحقيقة نقية واضحة صافية وتصد عنها عن قصد وجحود وعناد بعد معرفة. أما من لم يؤمن لأن الحقيقة لم تصله أو بلغته مشوهة، فهذا لا يمكن أن يكون كافرًا، والحجة تقوم عليك لا على "الكافر" الذي كفر بسببك.