Before you were buried, I never knew That the ground could rise above mountains
مَا كُنْتُ أَعْلَمُ قَبْلَ حَطِّكَ في الثَّرى أَنَّ الثَّرى يَعْلو عَلى الأَطْوَادِ

من الصداقات التي خلدتها لنا كتب التاريخ تلك التي جمعت بين الشريف الرضيّ (نقيب الطالبيين في عصره) وأبي إسحاق الصابئي رغم اختلاف دينهما، وفارق السن الذي تجاوز الأربعين سنة، وبعد المسافة بينهما، فقد كانت بينهما مراسلات كثيرة، منها تعزية الرضيّ لأبي إسحاق في وفاة ابنه البكر، ورد أبي إسحاق الذي وعده فيها بزيارته بعد انكشاف غمته، ومنها الأبيات التي كتبها الشريف في صديقه:

لقد تمازج قلبانا كأنهما
تراضعا بدم الأحشاء لا اللبنِ

وكذلك ما كتبه أبو إسحاق:

فإن تنأَ عنك الدارُ فالذكر ما نأى
وإن بان منّي الشخص فالشوق لم يَبِنْ

أما الملمح الذي تتجلى فيه العلاقة بين الصديقين، فهو القصيدة بالغة العذوبة ذات الاثنين وثمانين بيتًا التي كتبها الشريف الرضي بعد وفاة صديقه مباشرة، وفيها يقول:

أَعَلِمتَ مَن حَمَلوا عَلى الأَعوادِ
أَرَأَيتَ كَيفَ خَبا ضِياءُ النادي
جَبَلٌ هَوى لَو خَرَّ في البَحرِ اِغتَدى
مِن وَقعِهِ مُتَتابِعَ الإِزبادِ
ما كُنتُ أَعلَمُ قَبلَ حَطِّكَ في الثَرى
أَنَّ الثَرى يَعلو عَلى الأَطوادِ
...
قد كنت أهوى أن أشاطِرُك الردى
لكن أراد الله غير مرادي
...
إن الدموع عليك غير بخيلة
والقلب بالسلوان غير جواد

وكذلك يتضح عمق هذه الصداقة في القصيدة التي كتبها الرضيّ بعد وفاة أبي أسحاق بتسع سنوات، ويتضح فيها أنه كان لا يزال يفتقده:

كيف إشتياقُكَ مُذ نأيت إلى
أخٍ قلق الضمير إليكَ بالأشواقِ

فأي رابط هذا الذي جمع بين الرجلين، وأي صداقة تلك التي توطدت بينهما رغم الفوارق بينهما!

تاريخ النشر 24-02-2021
اقتباسات أخرى ذات صلة