الباء والخاء والعين أصلٌ واحد، وهو القتل وما داناه من إذلالٍ وقهر. قال الخليل: بخَع الرّجلُ نفسَه إذا قتلَها غَيْظاً من شدّة الوَجْد. قال ذُو الرّمّة: ألاَ أَيُّهَذَا الباخِعُ الوجْدُ نفسَه لشيءٍ... نَحَتْهُ عن يَدَيْهِ المقَادِرُ (مقاييس اللغة). يقال بَخَعَ نفسَه بَخْعاً، أي قتَلَها غمَّاً (وهو مجاز) وبَخَعَ بالحق بُخوعاً: أقرّ به وخضَع له.
{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً} الكهف:6 كقوله {فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} فاطر 8، وكقوله {وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} الحجر 88، وقوله {فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ} المائدة 68. والباخع المهلك أي مهلك نفسك من شدة الأسف على عدم إيمانهم (الشنقيطي) والمعنى لا تهلك نفسك - أيها الرسول الكريم - هما وغما، بسبب عدم إيمان هؤلاء المشركين. وبسبب إعراضهم عن دعوتك {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ} و{إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ} (طنطاوي)
فالرسول يتألم لهم لأنهم ابتعدوا عن خط الإيمان الذي هو مصدر سعادتهم في الدنيا والآخرة، ويتعمق الألم في داخله، من موقع الرحمة في قلبه، وحركة المسؤولية في روحه وفكره، حتى ليخيّل للناظر إليه والمطلع عليه، أنه يكاد أن يهلك حزناً وأسفاً (فضل الله)



