وتقيس بالأفتار أردية بحجة أن تنافى
ماذا تنافي؟ بل وماذا ثم من خلق ينافى؟
أترى العفاف مقاس أقمشة؟ ظلمت إذن عفافا
هو في الضمائر لا تخاط ولا تقص، ولا تكافى
من لم يخف عقبى الضمير فمن سواه لن يخافا
جاءت هذه الأبيات في قصيدة الجواهري "رسالة مملحة" (1969) التي شاعت في حينها باسم قصيدة "الميني جوب" يخاطب فيها صديقه نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية آنذاك صالح مهدي عماش، منتقدًا ما يراه "إسفافات" وإجراءات قسرية حدّت من الحريات الشخصية، فراح يوجه المعني، ويقصد من خلاله السلطة كلها، للاهتمام بأمور أكبر وأجدى.
.
وفي القصيدة نفسها يقول الجواهري:
إني ورب صاغهن كما اشتهى هيفا لطافا
وأدقهن وما ونى، واجلهنَّ وما أحافا
لأرى الجنان إذا خلت منهن أولى أن تعافى
.
رد عماش على الجواهري بقصيدة ينتقد فيها ما يراه ميوعة تجتاح المجتمع منها:
.
إنا نريد مآثراً لا قصر أردية كفافا
نبغي من النسوان تربيةَ البراعمِ والعفافا
سلها أيُعجبُها المُخنفسُ أن يُزفَ لها زفافا
أم تعشقُ الأسدَ الهصورَ الكفء والبطلَ المعافا
.
وذكرتَ من صنع الإله كما أشتهى هيفا لطافا
وترى الجنان إذا خلت منهن أولى أن تُعافا
إني أبيت اللعن أطلقها اعترافاً واعترافا
أهوى خيال الغانيات وإن حوى سما زعافا
أرنو لهن بلهفة وأكاد أترك ما تجافى
أفدي المضاف إليه إن ترك العلاقة والمضافا
لكن ما يرضي الفضيلة ذاك أحرى أن يضافا
المصدر: صحيفة المقتطف، مقالة "حين انتصر الجواهري للمرأة عام 1969، رواء الجصاني (مقتبس بتصرف)، الأعمال الشعرية الكاملة - محمد مهدي الجواهري