اختلفت الآراء حول مفهوم المثقف ودوره، وهناك عدة توجهات يصعب اختزالها هنا ونقاشات تعود لقرون مضت عن العلاقة بين الإنسان ومجتمعه. يرى مفكرون كثيرون أن المثقف لا يكفيه تحصيل المعرفة، وإنما يجب أن يسعى لتغيير مجتمعه.
ولعل من أبرز من ناقشوا دور المثقف هو المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي الذي صاغ مصطلح «المثقف العضوي». ويمكن تعريف المثقف العضوي على أنه الفرد الذي يمتلك وعيًا يفوق أبناء مجتمعه، مما يجعله مسؤولًا عن تجديد الفكر والنهضة في بلاده ولكن مثل هذا التفوق لا يحمله على التفكير بأنه صاحب أفضلية، فذلك الشعور يجعل المثقف يميل للانكفاء والتشرنق بالأبراج العاجية بعيدًا عن هموم المجتمع وآماله. ومن ناحية أخرى، عليه ألا يرضخ لأي ابتزاز شعبوي يجعله يتنازل عن أهدافه السامية مقابل إرضاء الجماهير. أي أنه يسعى لحل الأسئلة الاجتماعية المعقدة عبر إيجاد التوازن بين العام والخاص، بين رسالته الشخصية وهموم مجتمعه. وهذا النوع دائمًا ما يسمو على الخطاب الأيديولوجي والطائفي ويلتزم بخطاب إنساني حاملاً لقيم العدالة والحرية والكرامة الإنسانية.
وفي عالمنا العربي، يعد إدوارد سعيد من أبرز من تأثروا بفكر غرامشي، حيث يقول في كتابه المثقف والسلطة: «المثقف ليس داعية مسالمة، ولا داعية اتفاق في الآراء، لكنه شخص يخاطر بكل كيانه باتخاذ موقفه الحساس، وهو رفض الصيغ السهلة، والأقوال الجاهزة، والاتفاق على كل ما يقوله أو يفعله أصحاب السلطة وذو الأفكار التقليدية».