{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيءٍ جَدَلاً}
قول تعالى ولقد بيّنا للناس في هذا القرآن، ووضّحنا لهم الأمور، وفصّلناها كيلا يضلوا عن الحق ويخرجوا عن طريق الهدى، ومع هذا البيان وهذا الفرقان، الإنسان كثير المجادلة والمخاصمة والمعارضة للحق بالباطل، إلا من هدى الله بصره لطريق النجاة (ابن كثير).
{َكَانَ ٱلإِنْسَـٰنُ} بحسب جبلته {أَكْثَرَ شَىء جَدَلاً} أي أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدل وهو... المنازعة بمفاوضة القول,,, (أو) الخصومة بالباطل والمماراة (الالوسي)
{جَدَلاً} في ما تعنيه هذه الكلمة من الدخول في المنازعات والمشاجرات التي تريد أن تملأ الجوّ بالكلام، وتشغله بالبحث في القضايا الصغيرة الجانبيّة، ليبتعد الناس عن الارتباط بالمسائل الكبيرة في حركة العقيدة والحياة، ولينصرفوا عن التفكير فيها بطريقةٍ علميةٍ موضوعيةٍ، عندما تستهلك الهوامش الفكرية كل جهدهم، فيأتون إلى المسألة الحاسمة بجهد مثقلٍ بالتعبٍ، وروحٍ فارغةٍ من القوّة، وإرادةٍ متعبةٍ من الخلاف... وهكذا تضيع الحقيقة في غمار الجدل، ويبتعد الإنسان عن العمق، فلا يلتقي بحقائق العقيدة إلا من خلال ستارٍ كثيفٍ من المشاعر المتوترة، والذهنيات المعقّدة، والكلام الفارغ (فضل الله).