{وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ}
.
فقل لهم: أيها القوم لي ديني وعملي ولكم دينكم وعملكم، لايضرّني عملكم ولا يضرّكم عملي، وإنما يُجَازَي كلّ عامل بعمله. {أنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أعْمَلُ} لا تؤاخذون بجريرته، { وأنا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ } لا أؤاخذ بجريرة عملكم (جامع البيان، الطبري)
•••
{فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ..} أي: أبْلِغْهم: أنا لا أريد أن أحْمِلكم على ما أعمل أنا، إنما أريد لكم الخير في أن تعملوا الخير، فإن لم تعملوا الخير فهذا لن يؤثر في حصيلتي من عملي. وبذلك يتضح لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يُجازَى على عدد المؤمنين به، بل بأداء البلاغ كما شاءه الله سبحانه. وقد شاء الحق سبحانه أن ينقل محمد صلى الله عليه وسلم الخير إلى أمته، فإن ظلوا على الشر فهذا الشر لن يناله لأن خير البلاغ بالمنهج يعطيه صلى الله عليه وسلم خيراً، لأنه يطبِّقه على نفسه، وشر الذين لا يتبعونه إنما يعود عليهم لأن الذين يتأبون على الاستجابة لأي داعٍ إنما يظنون أن الداعي سوف يستفيد. والبلاغ عن الله، إنما يطبقه الرسول صلى الله عليه وسلم منهجاً وسلوكاً ويُجازَى عليه (خواطر محمد متولي الشعراوي)
•••
ولعل هذا الأسلوب يمثِّل الأسلوب الواقعيّ الذي يواجه به كل صاحب فكر حقّ، أصحاب فكر الباطل، فيشعر معه بالطمأنينة والثقة والتخفُّف من ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه، إذا أدّى ما عليه من واجب، في ما طرحه من أفكار وما مارسه من وسائل الهداية... فلا يشعر بعقدة الذنب أمامهم، ولا يعيش انفعال المشاعر من خلالهم، لأن الحياة رسالةٌ وإِرادةٌ وقدرة، فإذا بلَّغ رسالته بالوسائل الملائمة، وأكّد إرادته بالمواقف القويَّة، وأعطى كل طاقته، ولم يبق عنده شيءٌ مما يقدّمه أو يعطيه، فقد قام بواجبه، بكل صدقٍ وإخلاص، وفي ذلك الرضا كل الرضا، والراحة كل الراحة، في ما يريده الله له، وفي ما يطلبه منه (من وحي القرآن، فضل الله)

لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ
القرآن الكريم
تاريخ النشر 09-05-2020