(It is) a Qur’an in Arabic, without any crookedness (therein)
قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ

اللغة العرببة والاستقامات الثلاث

اليوم هو اليوم العالمي للغة العربية، وهي مناسبة نستغلها سنويا لنفكر من جديد في معنى حبنا للغة الضاد، وحرصنا مثل الكثير من أبنائها على "إحياء" حبها وإعادة استلهام تراثها المنقطع النظير.

مع نضج تجربتنا، وجدنا أن المبادرات التي تهتم باللغة العربية في معزل عن السياق الثقافي والحضاري، أي المبادرات التي تكون على طراز "قل ولا تقل"، أو تلك التي تصحح الأخطاء الشائعة أو تعرّب المصطلحات الحديثة لتثبت أن العربية قادرة على مواكبة العصر، هذه الجهود رغم أهميتها لا يمكن أن تصل إلى الهدف المنشود.

حب اللغة العربية بين أهلها ليس كحب الإيطاليين للإيطالية مثلا أو اليابانيين لليابانية. إنما هو حب مركزه العقيدة، هذه اللغة المقدسة يجب حفظها ببساطة لأنها الحبل الذي يصلنا بالسماء، بها نزل كتاب ربنا، وبها تحدث نبينا، وبها نطق خيرتنا وقادتنا وعظماؤنا.

نعود إلى القرآن الكريم إذا لنفهم كيف نحيي حب العربية، ووجدنا غايتنا في هذه الآية بالمنشور، التي تضع اللغة العربية كواحدة من خطوات أو "استقامات" ثلاث رسمها الله من أجل صلاح الأمة.

"قرآنا عربيا"... الاستقامة اللغوية أساس كل جهد إصلاحي، أن نكلم الناس بما يعرفون ويفهمون، دون تشدق بالكلمات المعقدة ولا تقعر في الحديث. نزل القرآن بلسان مبين يفهمه العرب، حتى الكلمات ذات الأصل الفارسي أو غير ذلك التي نجدها في كتاب الله، هي كلمات طال عهد العرب بها حتى صارت جزءا من نسيج لغتهم. يعلمنا الله أن الانفتاح على لغات العالم يجب أن يكون منبعه الأصالة والرغبة في الإفهام.

"غير ذي عوج" الاستقامة الفكرية هي نهج القرآن، لا يجوز للمؤمن أن يسخر لغته لتغييب العقول أو تزييف الوعي أو الالتفاف على الحقائق، ولا ينبغي له أن يقيم لسانه وفكره أعوج، وإنما يصلح منطقه كما يصلح نطقه.

"لعلهم يتقون" الاستقامة العملية هي الغاية العليا للغة. لا خير في فكر كليل اللسان، كما لا خير في فصاحة اللسان بلا عمل. هذا هو بيت القصيد، اللغة في حد ذاتها ليست سوى وسيلة نحو إحقاق الحق.

عندما يقول قادة المقـ.اومة والمشروع التحرري إنهم يريدون أن تكون كلمة الله هي العليا، فإنهم إنما يعنون هذه الاستقامات الثلاث

* الكلمة العربية الجلية الواضحة التي تبين المعنى دون التفاف
* والكلمة الحق، التي لا تعرف الاعوجاج ولا تخفي وراءها الأباطيل، المنطلقة من فكر سليم
* والكلمة المتجسدة في العمل، التي وعاها العقل ونطقت بها الأيدي قبل الألسن

كل عام والضاد وأهلها بخير

تاريخ النشر 18-12-2024
اقتباسات أخرى ذات صلة