{وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً} الفرقان : 63
الجاهل هو السَّفيه الذي لا يزن الكلام، ولا يضع الكلمة في موضعها، ولا يدرك مقاييس الأمور، لا في الخلق ولا في الأدب. و من صفات عباد الرحمن إذا خاطبهم الجاهلون بسفاهة وسوء أدب أن لا يقابلوهم بالمثل، بل يقابلوهم بالقول الطيب. فهم لا ينطلقون مع الناس الذين يثيرونهم بالكلام القاسي اللامسؤول من مواقع ردّة الفعل الغريزية بل يدرسون المسألة من موقع العقل المتأمّل الواعي : إذا رأوا للموقف خطورةً تستدعي الردّ، كان ردهم لطيفاً حاسماً، وإذا لاحظوا أن الجاهلين يتحركون في كلامهم من مواقع الجهل الذي يتعمد الإثارة، ليخلق مشكلة، أو يثير فتنةً، أعرضوا عن الردّ المباشر وكانت روح السلام الذي يتفادى المشكلة والفتنة والإثارة، هي موقفهم ومنطقهم، فاكتفوا بكلمة {سَلاَماً} هذا الردّ العاقل المتزن الذي يقول للجاهلين لسنا هنا في معرض الانفعال للدخول معكم في حرب وجدال، بل نحن هنا، في موقع الإِعراض عن جهلكم، بروح السلام.
{وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي ٱلْجَاهِلِينَ }
والله سبحانه وتعالى يُوِضِّح في آية أخرى ثمرة هذا الإعراض عن الجهل والدفع بالتي هي أحسن {فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } فصلت: 34
مقتبس من : تفسير الوسيط / محمد سيد طنطاوي، تفسير من وحي القرآن / السيد محمد فضل الله، خواطر / محمد الشعراوي