وائل الدحدوح

لا شيء أصعب من آلام الفقد، وعندما تتجرع هذه الآلام مرة تلو المرة تكون الأمور أصعب وأشد. ولكن ماذا عسانا أن نقول؟ حسبنا الله ونعم الوكيل. هذا هو خيارنا. قدرنا. ويجب أن نرضى به مهما كان. فنحن أملنا أن يرضى الله عنا. وأن يكتبنا مع الصابرين. هذا هو قدر وخيار كل الناس في هذه الأرض. كما تشاهدون أفواج أفواج. الناس تودع أحبابها وفلذات أكبادها في كل يوم وفي كل ساعة وفي كل لحظة. ونحن أسوة بكل الناس نودع. ماذا عسانا أن نقول يعني؟ ربنا سبحانه وتعالى يربط على قلوبنا وعلى قلوب كل الناس وأن يمدنا بأسباب الصبر والقوة حتى نستطيع المواصلة. لحمزة ولكل الشهداء نقول بأننا على العهد. هذه طريق اخترناها طواعية. أعطيناها كثيرًا. وسقيناها بالدماء لأن هذا قدرنا. نحن ماضون.  هذا هو التحدي الكبير. صحيح أن الإنسان يحزن ويتألم ويتوجع كثيرًا. ليس أصعب من آلام ووجع الفقد. فكيف إذا كان الفقد الولد البكر. فلذة الكبد. ليس بضعة مني، حمزة كان كلي، وروح الروح وكل شيء. وعندما نحزن الرسول صلى الله عليه وسلم بكى وحزن. وهذه هي دموع الحزن والفراق. الدموع التي تفرقنا عن أعدائنا. نحن مشبعون بالإنسانية وهم مشبعون بالقتل والحقد ولذلك نحن نبكي ونسكب الدموع، ولكنها دموع الإنسانية.. دموع الكرم والشهامة وليست دموع الجزع والخوف والاستكانة. وهذا يدفعنا إلى القول بأننا نحن ماضون.

نحن مستمرون بالتأكيد. لكن على كل العالم أن ينظر لما يحدث هنا في قطاع غزة. ما يحدث صعب ومؤلم وموجع وكبير. وما يحدث فيه ظلم كبير لشعب أعزل. شعب مدني. ما يحدث فيه ظلم لنا كصحفيين.

107  من الصحفيين سقطوا وسفحت دمائهم على هذه الأرض وكأن أحدًا لم يسمع بهذه الأخبار وكأن أحدًا لم  يرَ ما يجري.  نطالب كل العالم بأن يضع حدًا لهذه المقتلة التي تحصد أرواح الصحفيين واحدًا تلو الآخر. أتمنى أن تكون دماء ابني حمزة آخر الدماء من بين الصحفيين وآخر الدماء من بين الناس هنا في قطاع غزة. وأن تقف هذه المذبحة وهذه المقتلة ولكن أيًّا كانت الأثمان فنحن ماضون. هذه رسالة إنسانية كفلها القانون الدولي وهذا واجب نقوم به على أكمل وجه.

وائل الدحدوح

تاريخ النشر 07-01-2024
اقتباسات أخرى ذات صلة