وَلَا تَهِنُوا

✍🏼 @sayed_ma7mood

دعوني الليلة أسرد لكم قصة تعرفونها جميعكم، ولكن من باب التذكير ورفع الهمم والتذكير بوعود الله التي لا تُخلف والتي من أهمها نصر المؤمنين ووراثة الصالحين.

بطل القصة الليلة سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضوان الله عليه.

حمزة سيد من سادات قريش وبطل لا يشق له غبار من أبطالها.
كان قانصاً -أي صيادًا- تهابه الرجال.

أسلم في السنة الثانية للبعثة، وشكل إسلام حمزة في حد ذاته انعطافة كبيرة في مسيرة الرسالة النبوية

فبإسلامه انحسرت الممارسات التعسّفية الموجهة ضد النبي:
"فلمّا أسلم حمزة عرفت قريش أنّ رسول الله (ص) قد عزّ، وأنّ حمزة سيمنعه، فكفّوا عن رسول الله (ص) بعض ما كانوا ينالون منه"
"تاريخ الطبري"

كان حمزة صاحب أوّل لواء في المدينة -قيادة عسكرية-، إذ بعثه النبي )ص( في سرية من ثلاثين راكباً لاعتراض قافلة قريش التي كانت قادمة في ثلاثمائة راكب من الشام بقيادة أبي جهل، ولم يقع قتال بين الطرفين.

وكان من أبرز قادة المسلمين في يوم بدر، حيث اختاره الرسول (ص) ضمن ثلاثة -إلى جانب الإمام علي )ع( وعبيدة بن الحارث بن المطلب- يمثلون الإسلام ومعسكر الإسلام لمبارزة ثلاثة من أعتى مقاتلي كفار قريش وقادتهم وهم عتبة والوليد وشيبة، حيث صرع حمزة عتبة، وتعاون وعلي بعد أن أردى الآخر الوليد على قتل شيبة.

كما يروى أنه رضوان الله عليه قتل سبعة من صناديد قريش في يوم بدر
فكان لهذه البسالة والقوة والحضور الدور الكبير لنصر المسلمين يومئذ.

ويوم أحد وقبل أن يبلغ القوم ثاراتهم في حمزة، ثبت رضوان الله تعالى عليه في من ثبت حول الرسول ص وقاتل قتالاً شديداً حتى أردى واحدًا وثلاثين مقاتل قبل أن يقتله الوحش الذي استأجرته هند ابنة عتبة انتقاماً لأبيها ثم تمثل بجثته أبشع تمثيل بعد ان بُقر بطنه واستخرجت كبِدُه لتأكلها الشمطاء اللعينة، بل وأكثر من ذلك حين بادرت الى تقطيع أذنيه وأطرافه

ليُفجَع به رسول الله صلى الله عليه وآله ويحزن قلبه ويبكيه بحرقة...

وكيف لا يفعل ذلك وقد كان عمه وأخاه، وسوره المنيع ودعامة قوية للنبي ورسالته (ص)،، ففقد حمزة وفي هذه المرحلة من عمر الإسلام بلا شك مثل تحدٍ كبير وضربة قوية تلقاها المعسكر الرسالي على حين غرة،،

تقول الرواية: وبعد انتهاء المعركة، أبصر رسول الله (ص) عمّه حمزة وقد مُثّل به، فقال(ص): «وَاللهِ مَا وَقَفْتُ مَوْقِفاً قَطُّ أَغْيَظَ عَلَيَّ مِنْ هَذَا المَكَان»
"القمي"

وقف النبي (ص) على جنازته وانتحب حتّى نشغ من البكاء، يقول: «يَا حَمْزَة، يَا عَمَّ رَسُولِ اللهِ‏، أَسَدَ اللهِ وَأَسَدَ رَسُولِهِ‏، يَا حَمْزَة، يا فَاعِلَ الخَيْرَاتِ‏، يَا حَمْزَة، يَا كَاشِفَ الْكُرُبَات‏، يَا حَمْزَة، يا ذابَّ عن وجهِ رَسُولِ اللهِ»

وقال (ص): «رحمَكَ اللهُ أي عم، فلقد كنتَ وصولاً للرحمِ، فعولاً للخيرات»
"ذخائر العقبي، الإستيعاب على التوالي"

وقال الإمام الصادق (ع): «لمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ (ص) مِنْ وَقْعَةِ أُحُدٍ إِلَى المَدِينَةِ، سَمِعَ مِنْ كُلِّ دَارٍ قُتِلَ مِنْ أَهْلِهَا قَتِيلٌ نَوْحاً وَبُكَاءً، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ دَارِ حَمْزَةَ عَمِّهِ، فَقَالَ (ص): لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِيَ لَهُ، فَآلَى أَهْلُ المَدِينَةِ أَنْ لَا يَنُوحُوا عَلَى مَيِّتٍ وَلَا يَبْكُوهُ حَتَّى يَبْدَءُوا بِحَمْزَةَ، فَيَنُوحُوا عَلَيْهِ وَيَبْكُوهُ، فَهُمْ إِلَى الْيَوْمِ عَلَى ذَلِك.

وقال في حقه أمير المؤمنين (ع): «أَلَا وَإِنَّ أَفْضَلَ الخَلْقِ بَعْدَ الْأَوْصِيَاءِ الشُّهَدَاءُ، أَلَا وَإِنَّ أَفْضَلَ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِب‏»...

وفي وسط كل هذا الحزن وكل لحظات الفقد التي عاشها الرسول (ص) وهو يؤبن الشهداء، وفي شدة انكسار المسلمين بعد أول وأكبر هزيمة عسكرية لهم، وبعد الخيانات وفرار من فر وترك المراكز ودسائس النفاق،،

في وسط ذلك كله
تأتي التسلية الأكبر
والمواساة الأعظم
والتباشير الأبهج

لا من بواكي المدينة ولا من الأصحاب والمقربين بل من العزيز المتعال حيث أنزل على رسوله البلسم الأشفى وذلك بقوله جل وعلى:

ثم إنه سبحانه يشير إلى نتيجة هذه الحوادث المؤلمة فيقول: "وليعلم الله الذين آمنوا" أي أن ذلك إنما هو لأجل أن يتميز المؤمنون حقا عن أدعياء الإيمان.

وبعبارة أخرى: إذا لم تحدث الحوادث المؤلمة في حياة أمة من الأمم وتاريخها لم تتميز الصفوف ولم يتبين الخبيث والطيب، لأن الانتصارات وحدها تخدع وتغري، وتصيب المنتصرين بالغفلة بينما تشكل الهزائم عامل يقظة للمستعدين المتهيئين، وتوجب ظهور القيم، وتعرف بها حقائق الرجال...

"وتلك الأيام نداولها بين الناس"

تصبحون على نصر مؤزر

✍🏼 @sayed_ma7mood

تاريخ النشر 23-09-2024
اقتباسات أخرى ذات صلة