يصف الإمام علي عليه السلام هنا جانبًا من رسول الله ﷺ لا يحظى بالاهتمام الكافي، ألا وهو شجاعته صلوات الله عليه وعلى آله.
قوله "احمر البأس" كناية عن اشتداد الأمر، شبه الحرب في استعارها بالنار المشتعلة، وقوله "اتقينا به" تشبيه للنبي ﷺ بالدرع الحصينة، وفيه يتضح الفارق في الإقدام بين النبي وأصحابه (وهم فرسان العرب)، فهم يحتمون به ولا يستطيعون مجاراته في مواجهة العدو، وفي الصحيح أن الصحابة كانوا يعدون الشجاع فيهم من يستطيع محاذاته في الصف.
وإذا عرفت من قائل هذا الكلام، بطل الأبطال وصنديد بدر الذي أردى وحده من المشركين ما أرداه جيش المسلمين جميعًا والملائكة معهم، وتكتب في شجاعته الكتب الطوال، ثم تصورته عليه السلام يحتمي برسول الله ﷺ، لأدركت أنك لن تعرف محمدًا ﷺ حقًا ما لم تره بعين أقرب الناس إليه، وما لم تقِسْه في كل صفة بالسابقين فيها وترى كيف شأنه.
.
.
فائدة لغوية: إن لغة الإمام واستعارته إنما هي مستمدة من كلام النبي ﷺ في غزوة حنين عندما قال ﷺ عند اشتداد المعركة: "الآن حمي الوطيس" والوطيس هو التنور أو الحجارة التي يُحمى عليها فتصير كالجمر، فكأن عليًا عليه السلام الذي اقتبس من شجاعته لم يستطع وصفه إلا بالاقتباس من فصاحته أيضًا.