قلبت معركة بدر الكبرى موازين القوى في شبه الجزيرة العربية وغيرت نتائجها وجه العالم بأكمله.
قرون مضت ولا تزال الدروس المستفادة منها جديرة بالنظر والاعتبار، ولا سيما في ظل بطولات المقاومة في جميع ساحاتها منذ شهور طويلة.
يرسم القرآن الكريم صورة لقلوب جيش المسلمين في المعركة، منها قوله تعالى "وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ"، وتحكي لنا السيرة كيف انسحب عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الجيش قبل بداية المعركة، ويحكي لنا القرآن أن هؤلاء المخذلين كانوا موجودين قبل بدر (قوم موسى عليه السلام كما في الآية الأولى)، وظلوا موجودين بعد بدر )في تبوك كما في الآية الثانية).
ولكن السيرة في مقابل ذلك تروي ما قاله المقداد بن عمرو رضي الله عنه قبل المعركة، وكان الأنصار قد عاهدوا النبي على حمايته داخل المدينة، ولكن لما أدرك صلوات الله عليه أن المعركة لا بد واقعة، طلب المشورة في حديث طويل قام فيه المقداد فتكلم عن الأنصار وقال:
" يا رَسولَ اللهِ، إنَّا لا نَقولُ لك كما قالت بَنو إسرائيلَ لِموسى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}، ولكنِ اذهَبْ أنتَ وَرَبُّكَ فقاتِلا، إنَّا معكم مُقاتِلونَ."
وشتان بين القاعد والمقاتل.