الشُّقَّة: السفر البعيد، سمي بذلك لأنه يشق على الإنسان
يصف الله تعالى في هذه الآية المنافقين المتثاقلين للخروج في غزوة تبوك، حيث تعللوا بعلل كاذبة، ولو كان الغرض قريبًا والغنيمة سهلة لكانوا في صفوف المؤمنين، فالمسافة التي تكلفهم جهدًا مضاعفًا تثبطهم لأنهم لا يجدون أن المغانم التي قد يحصلون عليها ستعوضهم عن التعب والمشقة.
وإذا كانت المسافة التي استبعدها هؤلاء القوم لم تعد مسافة كبيرة بمقاييس اليوم (نحو 600 كم فقط)، فإن الآية صالحة لكل زمان، فالبعد قد يكون زمنيًا أيضًا، وكم من مثال على من أيد الطوفان في أيامه الأولى بقوة، مما أكسبه زخمًا كبيرًا، ثم فتر وهدأ وتوقف، بل عاد لممارسة حياته وتناسى المعركة كلية لأن الشقة بعيدة، والمكاسب المادية معدومة، والآية التالية تخبر النبي صلى الله عليه وآله أنه لو لم يأذن للمتثاقلين، لظهرت الحكمة من بعد الغاية، ألا وهي أن “يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ”.
.
.
لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿٤٢﴾ عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ﴿٤٣﴾



