ما هي الطائفية؟ ومن هو الطائفي؟ تعريف المصطلحات أمر مهم لأن الطائفية داء خطير ولكن كغيرها من المفاهيم قد توظف توظيفًا خاطئًا.
الطائفية هي التعصب الأرعن والانتماء المتعنت لطائفة معينة وتقوقع حول الذات يولّد استعداء للآخرين. هي "النزعة لاحتكار الحقيقة على نحو لا يبقي للآخر معذورية".
وبما أن الأشياء تعرف بضدها فلا بد لنا أن نحدد أيضًا ما هو ليس بطائفية.
١- أن تشعر بخصوصية الانتماء إلى مذهب أو طائفة معينة ليس بطائفية. الطائفية هي أن تتخذ هذا الانتماء أساسًا للعدوان على الآخرين أو مصادرة حقهم في التعبير عن رأيهم أو ممارسة شعائرهم أو الاساءة إلى رموزهم ومقدساتهم وغير ذلك.
٢- الاعتقاد بأن مذهبك أو طائفتك على صواب ليس بطائفية. بطبيعة الحال، كل مذهب يعتقد بأنه على الصواب وأنه على حق وأقرب للحقيقة من غيره. ولكن الطائفية هي احتكار هذه الحقيقة على نحو لا يبقي للآخر معذورية.
تعاليم ديننا تحثنا على نبذ الطائفية. والاسلام يقر بالأخوة الدينية رغم الاختلاف والدليل على ذلك قوله تعالى:
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾
﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾
الأخوة الإسلامية إذن هي أن تقر بأن الآخر هو أخ لك في الدين ما دام يشترك معك في الأسس العقائدية وفي الأصول الإيمانية. عن النبي ﷺ: "الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله به حقنت الدماء وجرت المناكح والمواريث." وعنه ﷺ: "مَن صَلَّى صَلَاتَنَا واسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذلكَ المُسْلِمُ"
وهذه الأخوة تقتضي التماس العذر للآخر لعجزه في الوصول إلى ما تراه حقًّا. ورد عن النبي ﷺ "رفع عن أمتي مالا يعلمون وما اضطروا إليه وما استكرهوا عليه“. وفي رواية أخرى: "إنَّ اللهَ تعالى وضع عن أُمَّتي الخطأَ والنسيانَ وما اسْتُكرِهوا عليه“
إذا افترضنا أننا أهل حق والآخرون في ضلال. علينا أن نفترض أن هذا الضلال ليس بالضرورة جحودًا أو عنادًا رغم وضوح الحقيقة، بل قد يكون قصورًا أو عجزًا يستوجب العذر. بل على الإنسان العاقل والمخلص إلى الحقيقة أن يضع كذلك احتمالية كونه هو على خطأ.
هذه هي روح الأخوة الدينية والتعايش مع الأديان الأخرى رغم الاختلاف. ويقابلها، الفكر الطائفي وهو فكر إقصائي والمنطلق عنده احتكار الحقيقة. وهذا التفكير خطير حتى لو تجلبب برداء درأ الفتن وادعى توحيد الصف.