.
{قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ}
يسمع الكثيرون من دعاة التغيير في كل مجتمع مثل هذه الكلمة
.
{قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ}
فماذا وجدتم في أفكاري من ضعفٍ، وماذا اكتشفتم في شخصيتي من اهتزاز؟ هل ناقشتم طريقتي في الدعوة، ومنهجي في الفكر، وأسلوبي في العمل؟ وهل درستم هذه الطروحات التي أطرحها عليكم في آفاق الإيمان؟ إنكم لم تفعلوا ذلك كله، فكيف تحكمون بغير علم؟!
.
لقد قالها هذا النبي بكل روحٍ هادئةٍ عقلانيةٍ، توحي بأننا إذا كنّا نتحرك في أجواء الدعوة إلى الله، فإن علينا أن نواجه أسلوب السباب والاتهام الّلامسؤول، بالأسلوب الهادىء الذي يعمل على إثارة التفكير في عقول هؤلاء الشاتمين والمتهمين، فإن ذلك قد يتحول إلى صدمةٍ عقلانيةٍ تقودهم إلى الموضوعية في حكمهم على الأشياء والأشخاص… وهذا ما يحاوله الدعاة إلى الله، الأدلاّء على سبيله، الذين لا يشعرون بأنهم يتحركون من مواقع ذاتية في مواجهة ردود الفعل السلبية القاسية، بل يتحركون من موقعٍ رساليٍّ هادئ
{وَلَكِنِّى رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَـلَمِينَ *أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} وذلك هو دور الرسول في رسالته، أن يكون ناصحاً لأمته في حاضرها ومستقبلها، أميناً على الحقيقة التي تفتح قلوب الناس على الله، وعلى الحياة الكريمة من خلاله، وعلى الرسالة التي يحملها بصدق، ويبلِّغها بوعيٍ وإيمان وقوة، وذلك هو دور كل داعيةٍ إلى الله
المصدر: تفسير من وحي القرآن للعلامة محمد حسين فضل الله