يستشهدُ كثيرٌ من الناس بمقولة الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب: "يأتي على الناس زمانٌ، تكون فيه العافية في عشرة أجزاء، تسعةٌ في اعتزال الناس، وواحدةٌ في الصمت"
والحالُ أن المُراد من كلام الأميرِ ليس اعتزالَ الناس بالمطلق، ولا تعميم خيانةٍ أصابتك، أو غدر حاق بك على الجميع، فرسول الله صلى الله عليه وآله يقول: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرًا من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم" وبهذا يتضح أن قصدَ الإمام أن الدين في زمنٍ من الأزمان يصبح فيه ثلمة، وأحكام الله لا يُعمل بها، والتفاهة والخلاعة تنتشر بين الناس على أنها ثقافة وتنوير، والباطل يلبس لباس الحق، وفي هذا الزمن تصبح مخالطة الناس واجبة ونُصحهم ألزم.
أما نصيحةُ الإمام للإنسان الذي لا يستطيع التصدي ومواجهة هذه الأحداث، تكون إما بالإعتزال أو بالصمت، لكي لا يتأثر الإنسان المسلم بحجم الشُبهات التي تُثار ويسقط فيها، وإلّا فالمطلوب من كل مسلمٍ بالمقام الأول هو المواجهة، والوعيّ والبصيرة ومقارعة كل من يحاول مسخ القيم والأخلاق، فالمخالط الصابر خيرٌ من غيره وله أجر دعوته.