I saw nothing but beauty
ما رأيتُ إلّا جميلًا

لا ينفكُّ أعداء المقاومة عن ترديد شعارات "ثقافة الحياة والجمال" ليصنعوا بذلك نظرة نرجسيّة لأنفسهم لتبرير عمالتهم وعجزهم الداخلي. إنّنا كأيّ إنسان يشعر بالانشداد الطبيعيّ نحو الأمور الجميلة، وهو انجذاب فطريّ ينسجم تمامًا مع التكوين الإلهيّ للإنسان. فاللّه سبحانه وتعالى خَلَقَ الإنسان في "أحسن تقويم"، وهو القائل" ونفخت فيه من روحي" فالمحرّك لفاعليّة الإنسان هي الفطرة الإلهيّة التي نسبها الله إليه " روحي"  وكأن هذا الجمال الموجود في العالم المادي، بما يحويه من تفاصيل وتناقضات صارخة في بعض الأحيان، يتناغم بشكل عميق مع عالم المعاني وما تتضمنه النفس البشرية من أسرار وأبعاد روحية، كأن كل هذه العناصر تشكل شبكة مترابطة من القوى، تجذب بعضها البعض كأنها أقطاب مغناطيسية تنشد الارتباط والتواصل.

أمّا القدرة على إبصار الجمال في الحياة فهي التي مهدت السبيل للإنسان ليتعرف ويستدل على بارئه وخالقه، فنظر من حوله وتأمل في جمال الهدفيّة الكامنة في الكون فكان "برهان النظم" من البراهين التي انطلق منها المعلول إلى العلة الصانعة، ومن ثمَّ تأمل في نفسه فوجدها فقيرةً ناقصةً تحتاج لعلّة واجبةٍ كاملة مُفيضة بالجمال عليه لكي تكسبه ترياق الحياة فكان برهان الإمكان مُتجسّدًا في " أنتم الفقراء إلى الله" ولم يكتف بهذا وحسب فقد نظرَ في نفس الجمال، فاستدل على الجمال بالجمال! فكان " برهان الصّدّيقين" مُتمثلًا في "الله نور السماوات والأرض" فنحن أصحاب الجمال، نحن الذين تحررنا به من سجن النفس وخرجنا من كتم العدم إلى حيّز الوجود، ونحن الذين نرى العالم محضر الله، فكل ما فيه جميل ولو بدا ظاهره قبيحًا، لذلك أصبحنا " مفاجآت الله" ولنا سيّدةٌ قُتل أخوها وكل عزيزٍ عليها فوقفت وقالت: "ما رأيتُ إلّا جميلًا" هذا هو الجمال الحقيقيّ، حين ترى يد الله معك تغير موازين الأحداث لصالح المستضعفين وتبصر المستقبل المشرق الذي سيعم العالم وتكون أنت ممهدًا وصانعًا له، بمعاناتك، بدمك، بشهادتك، " يارب بك عرفتك، وأنت دللتني عليك".

تاريخ النشر 14-10-2024
اقتباسات أخرى ذات صلة