كما تهدم الحروب بيوتًا وبشرًا فإنّها بالمقابل تطرح أفكارًا وتُسقِط فلسفات، فقد خرجت الشيوعية بعد تفشي المجاعة في روسيا بعد الحرب العالمية الأولى، وانتشر فكر الحداثة الغربيّ بعد تشكل نظام دوليّ جديد بعد الحرب الثانية، وسادت القومية العربية الاشتراكية بعد حرب عام ١٩٤٨، ثم بزغت التيارات الإسلاميّة بعد نكسة ١٩٦٧.
وهكذا تُفرز الحرب نتائجها الفكرية والمنهجية، فالصراع اليوم ليس عسكريًا وحسب، هو أيضًا صراع حضارات وأفكار، بين تيارنا الإسلامي الوحياني الذي يشحذ الهِمم ويوقظ العزائم وينظر للوجود بأمل وجمال، وبين تيار الغرب المادي الحداثويّ بنزعاته وإفرازاته الوجودية والعبثية.
بين الإسلام المحمديّ الذي تكون الرسالة العالمية ركيزته والواقعية السياسية حاضرة في أذهان روّاده، وبين الإسلام الأمريكيّ الذي يسلخ إنسانيّة المسلم ويجعله ليبراليًا فردانيًا مُشوهًا مُرتهنًا لقراءات المستكبرين.
بين خيارنا المتمثل بالتضحية والفداء ليكون الشهـ//داء قرابين لله على مسلخ العزة والكرامة وتكونُ المحورية والقُدسية لله سبحانه وتعالى، وبين الأنسنة بتأليهها لرغبات وشهوات الإنسان لتجعله مصابًا بالهشاشة النفسية وتعزله عن القضايا الكبرى.
إن التخلي عن فلسطين ولبنان اليوم يعني التخلي عن الإسلام، فإنسانيتهم المزعومة عبارة عن ثوب فضفاض يخفي تحته ذئاب الاستكبار العالمي، اختر موقعك من الصراع.