الحرب بحكم ظروفها تُخضِع أفكار المرء للتقييم وتهز عقله بحثًا عن الكمال؛ فيزيد حب استطلاعه وتكثر أسئلته، ما الحكمة من كل ما يحدث؟ ومن أين جئنا، وإلى أين سنذهب ولماذا جئنا أساسًا؟ قد يحاول المرء تجاهل هذه الأسئلة في وقت السلم لانشغاله بملهيات الحياة، لكن الفلسفة بنت المعاناة وكل الأسئلة الكبيرة ظهرت في أوقات الحروب، ولا بد من إجابات مهما أجّلها الإنسان.
بقدر ما يكون المؤمن محصّنًا عقائديًا وممتلئًا بمعنى وجوده قبل حصول الحرب بقدر ما يكون صبره وصموده أكثر، لأنه يضحي لأجل هدف كان واضحًا لديه منذ البداية، وبالرغم من ذلك فكم التقيتُ بأشخاص في خيامهم تكوّن لديهم معنى للحياة حديثًا وكان من أبسط الأشياء حولهم، فحين نظروا للحياة وقد فقدوا كل شيء تساوى لديهم ما علا ودنا، وكم أنهم ربطوا وجودهم بأشياء امتلكوها ظنّوا أنها ترسم خريطة حياتهم ولم تكن كذلك.
لمّا طرق الإنسان باب الدين راجيًا الإجابات، منح الدين الإسلاميّ أروع إجابات على هذه الأسئلة وبذر بذرة في المؤمن، التي بدورها نمت وزهت وربت وأنتجت من كل زوجٍ بهيج، فأصبحَ كل شغله وهمه الدفاع عن الدين، لأنه أوصله بالله الذي أجابه _عن طريق الأنبياء_ عن أسئلته، فعشق المؤمن الله، وبذل روحه من أجل الدفاع عن الحق سبحانه وتعالى، وهذا من أسمى المعاني التي تشحذ الهِمم وتوقظ العزائم وتُورِث العزة.



