You
أنتم

يُعرف الخطاب المخلص من غيره بالنظر إلى محور التركيز فيه. هناك خطابات تكون متضخمة الأنا، متجهة دائمًا نحو الذات وراغبة في الحمد والثناء (بما فعلوا وما لم يفعلوا) كأن الكون كلّه يدور في فلك هذا الزعيم أو القائد، ككثير من كلام الزعماء في الشرق والغرب، وترامب مثال جيد على ذلك.

بينما نجد في خطاب قادة المحور أن التوجه نحو الذات يكاد يكون منعدمًا، إلا في موضعه وعندما تدعو الحاجة إليه. والتوجه الأكبر يكون نحو البيئة التي تحتضن وتدعم وتؤيد وتناصر المقـ//ومة بشكل عام، وتنتمي إلى القائد انتماءًا قائمًا على المحبة والاحترام المتبادلين.

في هذا المنشور مثال من كلام السيد الأمين، كيف يعود مرارًا إلى بيئة المقـ//ومة وينسب الفضل إليهم. في خطابه، هم أشرف الناس وأكرم الناس وأطهر الناس، أما هو، فالعبد الفقير المحتاج إلى دعواتهم. وهذا الأسلوب إنما هو تعبير عمّا في أعماق النفس من إنكار الذات، لأنه "ما أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيئاً، إِلاَّ ظَهَرَ في فَلَتَاتِ لِسانِهِ، وصَفَحاتِ وَجْهِهِ" كما يقول الإمام عليه السلام، فكم من مدعٍ للتواضع وهو أبعد الناس منه.

وهذا الخطاب يكشف أيضًا عن إحدى أهم سمات القيادة الإسلامية الرشيدة، وهي التحلي بالوصف القرآني: "وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ"، فالإيثار وإن كان في الآية يشير إلى الاحتياجات المادية من غذاء وملبس وما إلى ذلك، إلا أنه قد يشمل أبعادًا أكبر من ذلك، فهناك من الناس من يجود بهذه الأمور لكنّ يشقّ عليه ألا يبجله الناس وينسبوا الفضل إليه، بل ويبخل أن يشركه في هذا الفضل أحد. وهو نوعٌ من الشحّ الذي يصيب النفس، "وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".

تاريخ النشر 10-10-2025
اقتباسات أخرى ذات صلة