الانتصار بالنقاط: معركة الإرادة
يوغل المستعمِر في انتهاك خصوصية جسد المستعمَر ليرسم له حيزًا مقيّدًا لا يملك فيه السيطرة على جسده ولذلك يتعمد المحتل " الإسرائيلي" البطش بخصوصية الفلسطينيين سواء في بيوتهم التي يقتحمها أو في الأسر، عدا عن رسم حواجز جغرافية ونقاط تفتيش للفلسطيني ليتحرك ضمنها ويؤطّر عقله ويتعامل معه كذات منفية وغير موجودة في المكان حتى يصنع شخصية هشّة ومسلوبة الإرادة.
كردة فعل على هذا النفي، فإن أحلام المستعمَر تتسم دومًا بكونها " أحلامًا عضلية" كما يشير فرانزز فانون بقوله: أول ما تتعلمّه الذات المُستعمَرة هو البقاء في مكانها وعدم تجاوز حدودها، من هنا تأتي أحلام المستعمَر، أحلامًا عضلية، أحلام الفعل، أحلام الحيوية، أحلم أنني أقفز وأسبح وأجري، أحلم أنني أنفجر ضاحكًا، أو أقفز فوق نهرٍ وتطاردني مجموعة من السيارات التي لا تلحق بي أبدًا"
فوَفقًا لفانون فإن عملية التحرر من الاستعمار تبدأ بالتحرر الجسدي الذي ينتفض على العدم ويثبت وجوده. وإنّ هذه القراءة يستغلها الاحتلال لكي يوجّه الأحلام باتجاه آخر ويفصله عن فلسطين، فما المانع من ممارسة " الأحلام العضلية" في مكان آخر إن كان هذا هدفًا بحد ذاته للمستعمَر؟
وهنا تأتي عظمة الإسلام في رؤيته للصراع بين المستضعف والمستكبر، فهو يسلّح المؤمن بطاقة اليقين ليتعامل مع صدمة الحق وتبعاتها عليه، ويشحذ همته وعزيمته بأن العدل سيعم هذا العالم رغم الظلم والبطش والعدوان، فكيف لفانون أن يُحلل ويقف على قول سيّدنا الأسمى والأقدس حين يقول: " إن أقصى ما يملكه عدونا هو أن يقتلنا، وأقصى ما يمكن أن نتطلّع إليه هو أن نقتل في سبيل الله" هنا كمال التحرر الإنساني للفرد المستضعف بأن يقتل في سبيل الله، هكذا تفهم أن " الشهادة هي المعادل الموضوعي للحياة" بل قل: إن المقاومة هي الحياة، وهي إثبات الوجود ونفيٌّ للنفي الاستعماري.
كلُ فعل يقوم به الفرد ليُحرر به نفسه من سطوة المستكبرين هو انتصار، غرسك لشجرة تسقيها انتصار، حفاظك على ثباتك انتصار، تنمية وعيك لتدرك سبب الصراع انتصار، تمسّكك بالأمل رغم الظروف انتصار، وإذا أردتَ كلمةً واحدة تتشبثُ بها تختصر لك انتصارك كنموذج للتحرر الإنساني بكماله الذي سيعم العالم ويملأ الأرض قسطًا وعدلًا، فقل: مهدي!
✍🏼 @hassanomar_99