Then let us earnestly pray
ثُمَّ نَبْتَهِلْ

نزلت هذه الآية لتسجل المناظرة بين النبي (ص) وبين وفد نصارى نجران الذين وفدوا عليه في أواخر البعثة، وأُمر النبيّ أن يدعوهم للمباهلة (أي التضرّع لله) واستنزال لعنة الله على الكاذبين، فأتى النبيّ بعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، واضعين جميعًا حياتهم على أكُفِّهم، وحينئذ تردّد الوفد وأعطوا الجزية للنبي (ص).

واقعة المباهلة، بخلاف أنها ترينا اليقين لدى رسول الله (ص)، فإنها أيضًا تُعطِينا درس في القيادة وتُلقي الضوء على أفقٍ سامٍ في الدعوات الصادقة، ألا وهو استعداد القادة أن يفتدوا قضيتهم بمن هم أغلى من النّفْس. وهو أمرٌ لا يستطيعه كل أحد، فقد يكون الإنسان على أتم الاستعدد بالتضحية بنفسه، ولكنه يضِنّ بولدِه أو بأهله عن أن يكونوا في معرض الأذى ولو للحظة واحدة.

ولم تكن هذه هي المرّة الأولى في المسيرة النبويّة، فقد كانت هذه هي سُنّة النبيّ التي علمها الله له، فقد عهد إلى الإمام علي (ع) أن ينام في فراشه ليلة الهجرة (فكان الاستشهـ//دي الأول في تاريخ الإسلام كما لقبه السيد الأمين)، وفي بَدْر، أخرج للمبارزة أقرب النّاس رَحِمًا إليه، فقال: "قُمْ يا حَمْزةُ، قُمْ يا عليُّ، قُمْ يا عُبَيدةُ بنَ الحارِثِ".

عندما نقرأ آية المباهلة اليوم في ضوء هذا المعنى، لا نملك سوى أن نستدعي وجوه قادة المقـ//ومة، منهم من قدم نفسه وولده وارتقوا لهذا المقام الربانيّ طواعية دون وحي، والذين فقدوا من هم أغلى من أنفسهم عن رضا، ولسان حالهم كلسان حال السيدة زينب (ع): "اللهم تقبّل منا هذا القربان".

تاريخ النشر 05-03-2025